المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

296

حيث يُرى أنّ الكثير يختلف عن القليل بالعدد الذي هو جهة الاشتراك، يوجد في تحقيق حال ذلك عدّة مسالك:

الأوّل: إرجاع الفارق إلى فارق عَرَضيّ، من قبيل الفرق بالعلم والجهل أو السواد والبياض ونحو ذلك، بأن يقال: إنّ كون هذا العدد ثلاثة أو أربعة ـ مثلا ـ من عوارض العدد، وهذان الفردان يختلفان في هذا العارض.

الثاني: التسليم بكون الفارق جوهريّاً إلاّ أنّه مع ذلك يلتزم بالتشكيك العامّي، وهو كون ما به الامتياز غير ما به الاشتراك، فيُفرض أنّ ثلاثة وأربعة ـ مثلا ـ مشتركان في الجنس ومختلفان في الفصل، فالفرق بينهما إنّما هو بلحاظ الفصل.

الثالث: الالتزام بالتشكيك الخاصّيّ، بمعنى أنّ ما به الامتياز عين ما به الاشتراك. ويوجد في داخل هذا المسلك مشربان:

الأوّل: إرجاع هذا التشكيك الخاصّيّ إلى أصل الماهيّة والمفهوم، فالخطّ الطويل ـ مثلا ـ أجدر وأولى بكونه خطّاً من الخطّ القصير، ويكون دخوله تحت مفهوم الخطّ أشدّ وأولى منه. وهذا ما قال به الشواذّ من أصحاب مسلك التشكيك الخاصّيّ.

والثاني: إرجاع هذا التشكيك إلى الوجود لا الماهيّة، بأن يقال: إنّ الخطّ الطويل لا يختلف في خطّيّته ومفهوم الخطّ عن الخطّ القصير، لكنّ الخطّ الطويل أشدّ وجوداً وأولى بالوجود منه في القصير.

فإن بنينا على المسلك الأوّل ـ وهو كون الفارق عرضيّاً ـ فلا مجال لما ذكره المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله)في المقام؛ إذ لو فُرض الملاك كامناً في طبيعة الماهيّة الجامعة بين الأقلّ والأكثر، دون الفارقين العَرَضيّين اللذين بهما الامتياز، إذن لم ينطبق الواجب على كلّ من الأقلّ والأكثر بتمامه؛ لأنّ أقلّيّته وأكثريّته إنّما هي بأمر عَرَضيّ لا نصيب له من الملاك والوجوب، فلم يكن هذا تخييراً بين الأقلّ والأكثر.