المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

295

 

التخيير بين الأقلّ والأكثر:

بقي الكلام في التخيير بين الأقلّ والأكثر، فهل هو معقول بعد الفراغ عن معقوليّة أصل الوجوب التخييريّ أو لا؟ وقد عرفت أنّ الوجوب التخييريّ يتصوّر بأحد شكلين، إمّا بإيجابين كلّ واحد منهما مشروط بترك الآخر، أو بإيجاب الجامع بين الفعلين، فهل كلا التصويرين أو أحدهما يأتي في تصوير التخيير بين الأقلّ والأكثر أو لا؟

ووجه الاستشكال في خصوص التخيير بين الأقلّ والأكثر: أنّه إن كان الواجب تدريجيّاً فبعد الإتيان بالأقلّ قد حصل الغرض وتمّ الامتثال، فأيّ مجال يبقى لوجوب الزائد؟! وإن كان دفعيّاً ـ كدوران الأمر بين وجوب التصدّق بدرهم والتصدق بدرهمين دفعة واحدة ـ قلنا: إنّ الوجوب الضمنيّ للزائد ولو بنحو التخيير غير معقول؛ إذ الزائد يجوز تركه لا إلى بدل، وذلك بأن يقتصر على الأقلّ، فما معنى وجوبه؟ فإنّ وجوب الشيء لابدّ أن يكون إمّا بنحو لا يجوز تركه أصلا كما في الوجوب التعيينيّ، أو لا يجوز تركه إلاّ إلى بدل كما في الوجوب التخييريّ.

وقد ذكر المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) تصويراً للتخيير بين الأقلّ والأكثر راجعاً إلى افتراض إرجاعه إلى الجامع وهو: أنّ الطبيعيّ الذي له فردان فرد طويل وفرد قصير، قد يكون الملاك قائماً بهذا الطبيعيّ بلا فرق بين أن يوجد في ضمن هذا الفرد أو ذاك، فهنا لا محالة يتعلّق الأمر بالجامع بين كلا الفردين المنطبق على تمام هذا الفرد تارةً وتمام الفرد الآخر اُخرى.

وقد ذكر تلميذه المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) في شرح كلام اُستاذه: أنّ هذا مبنيٌّ على التشكيك الخاصّيّ في الوجود ببيان: أنّ كلّ فردين من الطبيعيّ إذا كان يتراءى إلى الذهن أنّ الفارق بينهما من سنخ جهة الاشتراك، كما في العدد القليل والكثير؛