المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

288

وهذا أيضاً يرجع بروحه إلى الإيراد الأوّل، فإنّنا لو فرضنا وجوبين فحتماً هناك ترخيص في ترك أحدهما بوجه من الوجوه، فيبقى الكلام في دعوى: أنّ فرض وجوبين خلاف الظاهر، وهذا هو الإيراد الأوّل.

الإيراد الرابع: أنّه كيف يعقل سقوط أحد الواجبين بفعل الآخر؟ بينما المسقط منحصر في الامتثال والعجز ـ ولو الناشئ من العصيان ـ وعدم الشرط في الواجب المشروط. أمّا الامتثال فهنا غير موجود؛ لأنّ المفروض أنّه لم يمتثل إلاّ أحدهما ومع ذلك سقط الآخر. وأمّا العجز فأيضاً غير موجود؛ إذ يمكنه أن يأتي بكلا الفعلين، فينحصر الأمر في الثالث وهو كون الوجوبين كلّ منهما مشروطاً بترك الآخر، بينما ظاهر الدليل هو وجوبٌ واحد مطلق.

وهذا أيضاً راجع إلى الإيراد الأوّل؛ إذ بعد تسليم انحصار تفسير كلام المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله)بالواجبين المشروطين ـ لعدم تصوّر سقوط أحدهما بفعل الآخر بغير هذا الشكل ـ نقول: لو فُرض في المقام وجوبان فهما مشروطان حتماً، بداهة عدم وجوب الجمع بين الفعليّة وكفاية أحدهما بحسب الفرض، فيبقى الكلام في أنّ فرض الوجوبين خلاف الظاهر، وهذا هو الإيراد الأوّل.

وقد تحصّل: أنّ هذه الإيرادات الأربعة يمكن تلخيصها في إيراد واحد، وهو


أقول: بناءً على إرجاع هذا الوجه إلى واجبين مشروطين لا يرد هذا الإشكال، فإنّ المقصود عندئذ أنّ مصلحة التسهيل رفعت إطلاق الوجوب، باعتبار أنّ إطلاقهما كان يقتضي إرغام المكلّف على الجمع بينهما وكان ذلك خلاف التسهيل.

أمّا لو قلنا بأنّ المجعول إنّما هو الطلب وليس الوجوب إلاّ أمراً ينتزعه العقل عند عدم الترخيص، فمعقوليّة طلبين للفعل مع الترخيص في ترك المجموع ـ كما سيأتي بيانه في المتن ـ أوضح.