المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

285

في قوّة ملاك واحد. وفي الحقيقة يصبح الوجوب التخييريّ هنا ذا أطراف ثلاثة: الإتيان بهذا وحده، والإتيان بذاك وحده، والإتيان بهما مقترنين.

الإيراد الثالث: أنّ لازم إرجاع الوجوب التخييريّ إلى وجوبين كلّ واحد منهما مشروط بترك الآخر: أنّه لو تركهما معاً كان عليه عقابان؛ لحصول شرط الوجوب لكلّ واحد منهما.

ولا يقال: كيف يعاقَب عقابين مع أنّه غير قادر على تحصيل كلا الفرضين؟

فإنّه يقال: إنّ هذا من قبيل التزامكم بتعدّد العقاب في باب الترتّب، مع أنّه غيرُ قادر على الجمع بين الفعلين. والحاصل: أنّ لازم إرجاع الوجوب التخييريّ إلى وجوبين مشروطين من هذا القبيل هو تعدّد العقاب بتركهما معاً، بينما لا يُلتزم بذلك في الواجبات التخييريّة.

أقول: إنّ الواجبين المشروط كلّ واحد منهما بترك الآخر لو كان ترك كلّ واحد منهما شرطاً لاتّصاف الآخر بالملاك لزم تعدّد العقاب؛ إذ بتركهما يخسر المولى كلا الملاكين، بينما كان بإمكان العبد أن يعمل عملا يوجب انتفاء كلتا الخسارتين، وذلك بأن يأتي بأحد الواجبين، فقد حصّل أحد الملاكين ورفع موضوع الآخر.

أمّا إذا كان كلّ منهما ذا ملاك فعليّ إلاّ أنّ تحصيل الملاكين معاً غير ممكن ـ وهو الذي فرضه صاحب هذه النظريّة ـ فهنا لو غضضنا النظر عن عالم الإنشاء والجعل فمن الواضح أنّه لا يتعدّد العقاب بتركهما معاً؛ لأنّ الملاك وإن كان متعدّداً لكن فوات أحدهما على المولى ممّا لابدّ منه، فالعبد لم يورد على المولى إلاّ خسارة واحدة. أمّا إذا لاحظنا عالم الإنشاء فنقول: إنّ الإنشاء والجعل وإن كان متعدّداً ولكن الإنشاء والجعل لا يضيف عقاباً على عقاب أو ملاكاً على ملاك، وإنّما يوجب العقاب لأجل كشفه عن الملاك، ولذا لا فرق في مقدار استحقاق العقاب بين إبراز الملاك والرغبة اللزوميّة بالإنشاء، وإبرازه بالإخبار. إذن فشبهة تعدّد العقاب غير واردة في المقام.