المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

283

النظريّة الثانية: ما ذكره صاحب الكفاية بالنسبة لبعض موارد الواجب التخييريّ: من أنّه إذا كان في كلّ واحد من العِدلين ملاك إلزاميّ مستقلّ إلاّ أنّه لم يمكن الجمع بين الملاكين ـ لتنافر بينهما ـ وإن أمكن الجمع بين الفعلين، فحينئذ يصبح وجوب كلّ منهما مشروطاً بترك الآخر، فيرجع الوجوب التخييريّ في هذا المورد إلى وجوبين تعيينيّين مشروطين(1).

وقد أورد على ذلك السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ وغيره بعدّة إيرادات:

الإيراد الأوّل: أنّ هذا خلاف ظاهر الدليل، فإنّ مثل قوله: (صُمّ أو أطعم) ظاهرٌ في وجوب واحد لا وجوبين تعيينيّين. فكأنّ هذا إيراد إثباتيّ على هذه النظريّة.

ويرد عليه: أنّه ليس دائماً الوجوب التخييريّ مستفاداً من دليل واحد يكون من قبيل قوله: (صُم أو أطعم) حتّى يدّعى ظهوره في وجوب واحد، بل قد يصل الفقيه إلى الوجوب التخييريّ من الجمع بين دليلين، كأن يدلّ كلّ واحد منهما على الوجوب التعيينيّ لأحد الأمرين، مع افتراض عدم تماميّة الإطلاق في كلّ واحد منهما لصورة الإتيان بالآخر، كما لو كانا دليلين لبّيّين لا إطلاق لهما، أو كانادليلين لفظيّين مع عدم تماميّة مقدّمات الحكمة فيهما لوجود خلل في ذلك، أو مع افتراض تماميّة الإطلاق فيهما ولكن يُفرض أنّنا علمنا من الخارج بعدم وجوب الجمع بينهما، فيتعارضان بلحاظ الإطلاق، وقلنا في مثل ذلك بما قاله السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ في بحث التعادل والتراجيح: من تقييد كلّ من الإطلاقين بالدليل


(1) كأنّ هذا توجيه لكلام صاحب الكفاية، وإلاّ فهو لم يصرّح برجوع الوجوب التخييريّ في هذا القسم إلى وجوبين مشروطين، وإنّما قال ما نصّه: «كان كلّ واحد واجباً بنحو من الوجوب يستكشف عنه تبعاته: من عدم جواز تركه إلاّ إلى الآخر، وترتّب الثواب على فعل الواحد منهما والعقاب على تركهما».