المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

275

وهذا الكلام غير صحيح لا مبنىً ولا بناءً: أمّا مبنىً فلما يأتي ـ إن شاء الله ـفي محلّه من جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة. وأمّا بناءً فلأنّ ما أثبته هو ـ دامت بركاته ـ في بحث الاستصحاب إنّما هو عدم جريان الاستصحاب في الشبهة الحكميّة حينما يكون المستصحب حكماً إلزاميّاً؛ لتعارض استصحاب بقاء المجعول مع استصحاب عدم الجعل. أمّا إذا كان حكماً ترخيصيّاً كاستصحاب عدم الحرمة فهو يقول بجريانه؛ لعدم ابتلائه بالمعارض، وما نحن فيه من هذا القبيل؛ فإنّ استصحاب الجواز وعدم الحرمة استصحاب للحكم الترخيصيّ لا الإلزاميّ.

وقد تحصّل من كلّ ما ذكرناه: أنّه لا بأس باستصحاب الجواز بالمعنى الأعمّ.

أمّا إجراء الاستصحاب بنحو يُثبت شيئاً من الطلب كَأن يقال: إنّ الوجوب وإن كان منسوخاً لكن الطلب يحتمل بقاؤه ولو على مستوى الاستحباب فيجري استصحابه، فهو غير صحيح بناءً على ما هو المشهور المنصور من كون الوجوب والاستحباب حصّتين متباينتين من مفاد الأمر؛ إذ يرد عليه كون هذا من استصحاب الكلّيّ من القسم الثالث؛ فإنّ الطلب في ضمن الوجوب قد ارتفع، والطلب في ضمن الاستحباب غير معلوم الحدوث(1).

أمّا بناءً على مسلك المحقّق النائينيّ(رحمه الله) من أنّ مفاد الأمر دائماً هو الطلب من دون انقسامه إلى قسمين، وأنّ الوجوب أو الاستحباب ينتزعه العقل من الطلب عند عدم اقترانه بالترخيص بالخلاف أو عند اقترانه بذلك، فلا بأس باستصحاب


(1) لا بأس بأن نجري استصحاب روح الحكم وهو الحبّ، سواءً قلنا بأنّ الفرق بين روح الحكم في الوجوب وروحه في الاستحباب بالشدّة والضعف، فالمتيقّن زوال الشدّة ونستصحب أصل الحبّ، أو قلنا بأنّ الفرق بينهما بحبّ الترخيص في الخلاف وعدمه، فالمتيقّن زوال عدم الترخيص ونستصحب أصل الحبّ.