المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

274

كلّيّاً ذا أفراد بعدد أضداده؛ فإنّ عدم أحد الأضداد لا يتعدّد شخصه باقترانه بهذا الضدّ أو ذاك. إذن فالمستصحب هو شخص عدم الحرمة الذي كان مقترناً بالوجوب، وقد زال قرينه ولم نعلم بزواله هو، وليس ذلك من الاستصحاب الكلّيّ.

نعم، قد يتوهّم ورود إشكال على استصحاب عدم الحرمة، وهو تعارضه باستصحاب عدم الوجوب وعدم الاستحباب وعدم الإباحة بالمعنى الأخصّ؛ للعلم الإجماليّ بانتقاض أحد الأعدام الأربعة.

وأوضح ما يرد على ذلك: أنّ استصحاب عدم الإباحة بالمعنى الأخصّ ـ لو فرض كونها أمراً وجوديّاًـ غير جار؛ لعدم ترتّب تنجيز أو تعذير عليه: أمّا عدم ترتّب التعذير عليه فواضح؛ فإنّ عدم الإباحة ينسجم مع الحرمة. وأمّا عدم ترتّب التنجيز عليه فلأنّ التنجيز فرع الإلزام من قِبَل المولى لا عدم جعل الترخيص، ولذا لو علمنا في مورد أنّ المولى لم يُلزم بالترك ولا جعل ترخيصاً في الفعل استقلّ العقل ببراءة الذمّة(1).

الإيراد الثاني: أنّ هذا استصحاب في الأحكام الكلّيّة والشبهات الحكميّة، بينما ثبت في محلّه ـ بناءً على مذاقه دامت بركاته ـ عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة.


(1) وأيضاً يرد على ذلك منع العلم الإجماليّ بحصول الاستحباب أو الكراهة أو الوجوب أو الجواز بالمعنى الوجوديّ، بل يحتمل عدم الكلّ وثبوت الجواز بالمعنى العدميّ، أي: عدم المنع، وهذا ما أشار إليه(رحمه الله) بقوله: «لو فرض كونها أمراً وجوديّاً».

كما يرد عليه أيضاً: أنّه لو فُرض هذا العلم الإجماليّ وفُرض عدم اشتراط جريان الاستصحاب بترتّب التنجيز أو التعذير، لم يلزم تعارض الاستصحابات الأربعة؛ لأنّ هذه الاستصحابات ليست في مقابل العلم الإجماليّ بالإلزام، ولا يكون استصحاب عدم الجواز موجباً للتنجّز مع إيجاب استصحاب عدم الحرمة العذر حتّى يتعارض الاستصحابان ويتساقطا.