المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

273

 

مقتضى الأصل العمليّ في المسألة:

وأمّا المقام الثاني ـ وهو مقتضى الأصل العمليّ في المسألة ـ: فمقتضى الأصل هو استصحاب الجواز بالمعنى الأعمّ.

وقد أورد السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ على ذلك بإيرادين(1):

الإيراد الأوّل: أنّ هذا من استصحاب الكلّيّ من القسم الثالث؛ لأنّ الجواز في ضمن الوجوب قد ارتفع، والجواز في ضمن الاستحباب أو الكراهة أو الإباحة بالمعنى الأخصّ غير معلوم الحدوث.

ويرد عليه: أنّه لو أردنا استصحاب الجواز بمعنى وجوديّ جامع بين الوجوب والاستحباب والكراهة والإباحة بالمعنى الأخصّ، أمكن الإيراد عليه بأنّه من الاستصحاب الكلّيّ من القسم الثالث، إلاّ أنّه ـ بغضّ النظر عن عدم جامع وجوديّ من هذا القبيل بين الوجوب والاستحباب والكراهة والإباحة ـ نقول: إنّ الفائدة المستهدفة من استصحاب الجواز بالمعنى الأعمّ ـ وهي التأمين ـ لا تتوقّف على استصحاب هذا الأمر الوجوديّ المفترض، بل يكفي فيها استصحاب عدم الحرمة، وعدم الحرمة أمرٌ عدميّ يقترن بأحد أضداد الحرمة، وهو واحد شخصيّ وليس


(1) بل ثلاثة إيرادات على ما يظهر من تقرير الفيّاض، والثالث هو: أنّ الجواز ليس حكماً موجوداً في ضمن الوجوب ـ على حدّ وجود الكلّيّ في ضمن فرده ـ كي يستصحب، وإنّما كلٌّ من الوجوب والجواز أمرٌ انتزاعيّ عقليّ ينتزع من اعتبار مباين لاعتبار آخر، وقد ارتفع اعتبار الوجوب، ولو سلّم كون الوجوب شرعيّاً فهو بسيط وليس مركّباً من الجواز والمنع من الترك، وتفسيره بذلك تفسيرٌ بما هو لازم له.

أقول: يكفي في الجواب على كلّ ذلك أنّ كلّ هذا لا يمنع عن استصحاب عدم الحرمة.