المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

271

الجنس لم يبق لدليل المنسوخ دلالة على بقاء الجواز. وإذا قلنا: إنّ الجنس لا ينتفي بانتفاء الفصل دلّ دليل المنسوخ على بقاء الجواز.

وقد أورد على ذلك السيّد الاُستاذ ـ دام ظلّه ـ ثلاثة اعتراضات:

الاعتراض الأوّل: أنّ الوجوب ليس أمراً مجعولا شرعيّاً حتّى يُفرض أنّه نسخ بعضه وبقي بعضه، وإنّما هو حكم عقليّ منتزع من طلب الشيء مع عدم ورود الترخيص في الخلاف.

ويرد عليه ـ بغضّ النظر عن بطلان المبنى وكون الوجوب مجعولا شرعيّاً ابتداءً ـ: أنّنا لئن سلّمنا كون الوجوب من حكم العقل وعدم كونه مجعولا ابتداءً فلا إشكال في كونه منتزعاً من مجموع أمرين راجعين إلى المولى وثابتين تحت يد المولى، أحدهما أمر وجوديّ وهو طلب الفعل، والثاني أمر عدميّ وهو عدم الترخيص في الخلاف.

ونسخ العنوان الانتزاعيّ يكون بنسخ منشأ انتزاعه، وكما يمكن نسخه بنسخ الطلب الذي هو أمر مجعول وجوديّ، كذلك يمكن نسخه بنسخ الأمر العدميّ وذلك بإيجاد الترخيص في الخلاف، والتعبير عن ذلك بنسخ الوجوب تعبير صحيح عقلا وعرفاً، ولذا لو قال المولى مثلا: قد نسخت وجوب صلاة الليل ولم أرفع يدي عن أصل مطلوبيّتها لم يكن كلاماً مستنكراً. إذن فقد يُدّعى أنّ دليل النسخ بما أنّه لم يدلّ على أكثر من نسخ عدم الترخيص في الخلاف فبالإمكان التمسّك بدليل المنسوخ لإثبات الجواز.

الاعتراض الثاني: أنّ الوجوب لو سلّمنا كونه أمراً مجعولا شرعاً فهو أمر اعتباريّ وليس أمراً حقيقيّاً، والأمر الاعتباريّ ـ أعني: المعتبر لا نفس الاعتبار الذي هو كيفٌ نفسانيّ مركّب لا محالة من جنس وفصل ـ من أبسط الأشياء، وليس مركّباً من جنس وفصل أو مادّة وصورة، فإنّه لا ماهيّة له لكي تتركّب عن ذلك بل هو أمرٌ وهميّ صرف.