المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

269

التقريب الثاني:مبنيّ على عدم تبعيّة الدلالة التضمّنيّة للمطابقيّة في الحجّيّة، فيقال بناءً على أنّ الوجوب مركّب من طلب الفعل مع المنع من الترك: إنّ نسخ الوجوب إنّما هو نسخ لمجموع هذين الأمرين المنتج لتيقّن نسخ الأخصّ منهما وهو المنع عن الترك. أمّا نسخ طلب الفعل فغير معلوم، فنتمسّك بالدلالة التضمّنيّة لدليل المنسوخ لإثبات طلب الفعل. فهذا التقريب يثبت الجواز بالمعنى الأعمّ في ضمن الاستحباب، كما أنّ التقريب السابق كان يثبت الجواز بالمعنى الأعمّ في ضمن الإباحة.

ويمكن أن يُذكر أيضاً نفس التقريب بناءً على كون الفرق بين الوجوب والاستحباب هو الفارق في درجة الطلب، وذلك بناءً على تأتّي ما ذكرناه من عدم تبعيّة الدلالة التضمّنيّة للمطابقيّة في الحجّيّة في الدلالات التضمّنيّة التحليليّة أيضاً، فيقال: إنّ القدر المتيقّن من نسخ الوجوب هو نسخ المرتبة الشديدة من الطلب، فتبقى المرتبة الضعيفة من الطلب ثابتةً بالدلالة التضمّنيّة التحليليّة لدليل المنسوخ.

التقريب الثالث:مبنيّ على ما اشتهر في مدرسة المحقّق النائينيّ؛ من أنّ الوجوب والاستحباب إنّما هما من حكم العقل، وأمّا مفاد الأمر الوجوبيّ والأمر الاستحبابيّ فهو شيء واحد وهو طلب الفعل، فإن ضُمّ الطلب إلى عدم الترخيص في الخلاف حكم العقل بالوجوب، وإن ضُمّ إلى الترخيص بالخلاف حكم العقل بالاستحباب.

وبالرغم من أنّ المحقّق النائينيّ(رحمه الله) والسيّد الاُستاذ ـ دام ظلّه ـ وغيرهما من بعض الأصحاب ذهبوا إلى هذا المبنى، لا أدري لماذا لم يلتفتوا إلى أنّه مبنيّاً عليه يمكن أن يقال بدلالة دليل المنسوخ على ثبوت الجواز بالمعنى الأعمّ في ضمن الاستحباب، ولا حاجة في ذلك إلى القول بعدم تبعيّة الدلالة الالتزاميّة أو التضمّنيّة للمطابقيّة، فإنّه يمكن التمسّك على هذا المبنى بنفس الدلالة المطابقيّة للأمر؛ إذ الأمر لم يدلّ على أزيد من الطلب، والنسخ إنّما تعلّق بالوجوب، ومعنى ذلك نسخ المجموع المركّب من الطلب وعدم الترخيص، والمتيقّن منه هو نسخ عدم