المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

242


بامتثال واجب نفسيّ له تنجيز وتعذير سابق على زمان امتثال الآخر؛ فإنّ المقدّمة وإن لم يستمدّ تنجّزها من الأمر بها، ولكن الانشغال بها انشغالٌ بامتثال وجوب ذي المقدّمة، وشروعٌ في التحرّك من مبدأ منجّزيّة وجوب ذي المقدّمة، ويكفي هذا للترجيح، أو قل: إنّ هذا بحكم تقدّم نفس الواجب النفسيّ.

التقريب الثاني: استظهار دخل القدرة التكوينيّة في الملاك بمعنى القدرة على الواجب في زمانه، لا القدرة التكوينيّة عليه مطلقاً ولو بلحاظ القدرة على المقدّمات المفوّتة قبل زمان الواجب. فالواجب السابق يتقدّم؛ لأنّه لو أتى به فقَدَ القدرة على الواجب الثاني في زمانه، وبذلك ارتفع موضوعه.

وهذا التقريب الثاني ـ لو تمّ في نفسه ـ قد لا يصحّ تطبيقه على المقام؛ وذلك لأنّنا لو استظهرنا دخل القدرة في الملاك في الواجبين ـ بمعنى القدرة في وقت العمل ـ لم يجب خروج الرفقة، ولا سائر المقدّمات المفوّتة للحجّ، وهذا خلف.

إلاّ أن يفترض أنّ هذا الاستظهار نقبله في باب النذر، وأمّا في باب الحجّ فقد قامت الضرورة الدينيّة على وجوبه حتّى على النائين المحتاجين إلى مقدّمات مفوّتة، وهذا دليل على عدم دخل القدرة التكوينيّة في خصوص ظرف الواجب في ملاك الحجّ.

وعلى أيّ حال، فلو تمّ أحد التقريبين في ذاته، ورد على تطبيقه على المقام: أنّنا ننكر سبق مقدّمة الحجّ بنحو موجب للترجيح بسبق أحد الواجبين. وتوضيح ذلك: أنّ الانشغال بمقدّمة الحجّ إلى حين لا يورث العجز من الزيارة ـ كالخروج مع الرفقة قبل شهر مثلا، والسير إلى مدّة يمكن الرجوع إلى كربلاء ودرك زيارة عرفة ـ لا يحلّ المشكل؛ لأنّه مادامت القدرة على كلا الواجبين موجودة، فالمزاحمة باقية على حالها، ولا مبرّر لفرض ترجيح أحدهما بسبق الواجب؛ لأنّ الاشتغال بالسابق لم يسلب القدرة عن اللاحق؛ إذ