المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

239

الخطاب ـ وذلك استظهاراً من قوله: «شرط الله قبل شرطكم»، أي: إنّه بغضّ النظر عن شرطكم، وفي المرتبة السابقة على شرطكم، يكون شرط الله ثابتاً، فهو يمنع عن شرطكم. وقد أثبتنا فيما مضى: أنّ المشروط بعدم المانع الفعليّ مقدّم على المشروط بعدم المانع اللولائيّ.

وقد يذكر وجهان لتقديم الحجّ على النذر غير الوجوه التي نحن ذكرناها:

الوجه الأوّل: أنّ القدرة في الحجّ عقليّة، وفي النذر شرعيّة، فيقدّم الحجّ على النذر. أمّا كون القدرة في الحجّ عقليّة؛ فلبعض ما مضى منّا. وأمّا كون القدرة في النذر شرعيّة؛ فلأنّ الناذر طبعاً لا يُتعقّل نذره بأمر غير مقدور؛ فإنّ العاقل لا ينذر الإتيان بشيء غير مقدور له، إذن فالقدرة داخلة في متعلّق النذر. وإذا كان الأمر كذلك فلا محالة تكون القدرة دخيلة في الملاك؛ فإنّ وجوب العمل بالنذر إنّما هو بملاك الوفاء وكون الإنسان باقياً على عهده، وهذا يتحدّد لا محالة بحدود متعلّق النذر، فمع انتفاء القدرة لا ملاك؛ لأنّه لا نذر، فقد اتّضح بذلك كون القدرة شرعيّة.

ويرد عليه: أنّ القدرة التي نجزم بدخلها في متعلّق النذر إنّما هي القدرة التكوينيّة، وأمّا القدرة بمعنى عدم الانشغال بواجب آخر، فلا، بل قد يتعمّد الناذر إطلاق النذر لهذا الفرض برجاء إمضاء الشارع لذلك، وصيرورته عذراً له في مقام الانصراف عن ذلك الواجب الآخر. وقد مضى فيما سبق أنّ كون القدرة شرعيّة ـ بمعنى دخل مجرّد القدرة التكوينيّة في الملاك ـ لا يوجب تقدّم الواجب الآخر الذي لا يفرض دخل القدرة في ملاكه عليه.

الوجه الثاني: كأنّه يُذكر بعد التنزّل عن الوجه الأوّل، وافتراض كون القدرة في كليهما شرعيّة بنحو واحد، فيقال: إنّ وجوب الوفاء بالنذر إنّما يصبح فعليّاً حين حلول وقت العمل، بناءً على استحالة الواجب المعلّق مثلا، في حين أنّ الخروج مع الرفقة إلى الحجّ ـ مثلا ـ يجب قبل يوم عرفة، فيتقدّم على زيارة الحسين(عليه السلام) في