المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

236

الصحيح هو: تقدّم الحجّ. ونوضّح ذلك من ناحية المباني الاُصوليّة تاركين تفصيل الكلام عن الجوانب الفقهيّة للمطلب، فنقول: إنّه بالإمكان تقريب ما ذكرناه من تقدّم الحجّ بعدّة وجوه:

الوجه الأوّل: أن نفترض أنّ القدرة في النذر عقليّة، وأن نفترض أنّ القدرة في الحجّ أيضاً عقليّة، وأن نفترض أنّ الحجّ أهمّ من النذر، أو محتمل الأهمّيّة، أو أنّ احتمال أهمّيّته أقوى. فإن تمّت هذه الفروض الثلاثة فلا إشكال في تقدّم الحجّ؛ لما مضى فيما سبق من كون الأهمّيّة واحتمال الأهمّيّة في أحد المتزاحمين المشروطين بالقدرة العقليّة من المرجّحات.

يبقى الكلام في إثبات هذه الفروض فنقول:

أمّا الفرض الأوّل: وهو افتراض أنّ القدرة في النذر عقليّة لا شرعيّة فلا يحتاج إلى برهان؛ إذ هو أسوء التقديرين بالنسبة لتقديم الحجّ، فإنّه لو فُرضت القدرة في النذر شرعيّة لكان تقديم الحجّ عليه أوضح.

وأمّا الفرض الثاني: وهو كون القدرة في الحجّ عقليّة، بمعنى عدم ثبوت دخل ترك الواجب الآخر في ملاكه، فلأنّه لا مبرّر لدعوى دخله في ملاكه إلاّ أخذ الاستطاعة في لسان الدليل، حيث قال الله تعالى: ﴿لِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ بدعوى أنّ أخذ القدرة في لسان الدليل دليل على أنّها شرعيّة، إلاّ أنّ الاستطاعة لا تدلّ على أكثر من القدرة التكوينيّة، مع توسعتها لِما يُخرج العسر الشديد؛ لصدق عدم القدرة عرفاً عنده. فلو كانت القدرة دخيلة في الملاك فإنّما هي القدرة التكوينيّة بالمعنى العرفيّ الشامل لعدم العسر الشديد، لا عدم الانشغال بواجب آخر.

وقياسه بالوجدان في آية الوضوء، المحمول على ما يشمل مطلق المانع، بقرينة عطف المريض ـ على ما يقوله المحقّق النائينيّ(رحمه الله) ـ في غير محله؛ لأنّ القرينة التي