المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

235

الفقيه في مقام الاستنباط؛ وذلك لأنّ الفقيه حينما يتعامل مع دليلي الجزءين ـ لو كان لكلّ منهما دليل مستقلّ ـ فهو لا يتعامل مع ما يكون مفاده الوجوب الضمنيّ الذي هو جزء تحليليّ من الأمر بالكلّ، وإنّما الدليلان كلّ منهما يرشد إلى الجزئيّة، وحتّى لو كان بلسان الأمر فالأمر في الأجزاء والشرائط للمركّب الارتباطيّ إنّما هو إرشاد إلى الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة والقاطعيّة. ولا توجد أيّ منافاة بين كون هذا جزء وذاك أيضاً جزء في عرض واحد، بالرغم من عدم القدرة على الجمع بينهما؛ إذ غاية ما يقتضيه ذلك سقوط الواجب، لا أنّ اجتماع جزئيّة هذا مع جزئيّة ذاك من المستحيلات، إذن لا مبرّر لوقوع التزاحم بينهما، فليكن هذا جزءاً وذاك جزءاً والواجب ساقطاً، فلو علمنا من الخارج بعدم سقوط الواجب وعدم جزئيّة أحدهما إجمالاً فلا محالة يقع التعارض بين الدليلين(1).

 

تطبيق قوانين التزاحم على مثال الحجّ والنذر:

الأمر الثالث: نتكلّم فيه في تطبيق قوانين باب التزاحم على مثال الحجّ والنذر، فلو نذر أو حلف قبل الاستطاعة أن يزور الحسين(عليه السلام) في يوم عرفة، أو ما شابه ذلك ممّا يزاحم الحجّ فأيّهما يتقدّم؟


(1) هذا إذا كان دليل جزئيّة كلّ منهما مستقلاًّ عن الآخر. أمّا مع فرض الاتّصال وذكرهما في دليل واحد، فلا محالة يكون هذا الدليل مجملا. وأمّا لو استفيدت جزئيّة الجامع بينهما من مثل (الصلاة لا تترك بحال)، فهذا دليل آخر يؤخذ به بلا أيّ تزاحم أو تعارض. وخلاصة الكلام: أنّه لو سلّمنا وقوع التزاحم بين وجوبين ضمنيّين، فلا شغل للفقيه أصلا بالوجوبين الضمنيّين؛ لعدم تطلّب الوجوب الضمنيّ بوحده امتثالا، وإنّما له شغل بالجزئيّتين أو الشرطيّتين مثلا، ولا تزاحم بين الجزئيّتين أو الشرطيّتين، وإنّما الذي يتعقّل بين الجزئيّتين أو الشرطيّتين هو التعارض بين دليليهما.