المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

234

وأمّا الترجيح بعدم البدل على ما له البدل، فقد عرفت أنّه يرجع بروحه إلى الترجيح بالأهمّيّة الذي لا مجال له في المقام.

وأمّا الترجيح بالتقدّم الزمانيّ: فإن قُصد بذلك تقدّم الوجوب، فمن الواضح عدم تأتّيه هنا؛ إذ الوجوبات الضمنيّة متعاصرة حتماً؛ لكونها أجزاء لوجوب واحد. وإن قُصد بذلك تقدّم الواجب، فأيضاً لا معنى للترجيح بالتقدّم مع افتراض أمرين متزاحمين؛ إذ على فرض تعيّن الإتيان بالمتقدّم لا يُعقل الأمر بالمتأخّر مطلقاً، أي: حتّى على تقدير ترك الأوّل؛ إذ على تقدير ترك الأوّل فقد فات الملاك حتماً. هذا.

والتحقيق: عدم معقوليّة التزاحم بين واجبين ضمنيّين؛ وذلك لأنّ القدرة إمّا أن يُفرض دخلها في كلّ واحد من الجزءين بنحو شرط الوجوب، أو يُفرض دخلها فيهما بنحو قيد الواجب؛ لأنّ الواجب هو المقدار المقدور، كما فُرض لدفع الإشكالات الأربعة. فإن فُرض الأوّل رجع الإشكال بكلّ الصيغ الأربع التي بيّنّاها. وإن فُرض الثاني قلنا: إنّه لا يتأتّى في المقام البيان الذي به استطعنا أن نتصوّر باب التزاحم بنحو يكون مستقلاًّ عن باب التعارض، وهو أنّ كلّ تكليف يكون مقيّداً ـ بقيد لبّيّ كالمتّصل ـ بعدم الانشغال بضدّ أهمّ أو مساو، فلا تعارض بين دليلي الحكمين؛ إذ لا إطلاق في كلّ واحد منهما لصورة الانشغال بالآخر لو كان مساوياً أو أهمّ.

أمّا في المقام فقد فُرض أنّ القيد قيد في الواجب لا في الوجوب، وهذا تصرّف في ظهور الدليلين؛ فإنّه إذا افترضنا دليلا دلّ على وجوب القيام مثلا، ودليلا آخر دلّ على وجوب القراءة، والمفروض العجز عن الجمع بينهما، وفُرض عدم تقيّد وجوب أحدهما بترك الآخر، ولكن فُرض تقيّد الواجب بذلك، فلا إشكال في أنّ هذا غير ذاك الذي اقتضاه المقيّد اللبّيّ، وإنّما هو تصرّف جديد في الدليلين، فلا محالة يقع التعارض بينهما بعد فرض العلم بعدم سقوط الصلاة ووجوب المقدار المقدور من أجزائها.

ولو سُلّم إمكان التزاحم بين الوجوبين الضمنيّين، فهو خارج عن مصبّ حاجة