المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

233

الآخر، لكنّ المفروض كونه قيداً للواجب؛ حيث إنّ الوجوب تعلّق بالأجزاء المقدورة، فترك أيّ واحد من الجزءين يؤدّي إلى انطباق هذا العنوان على الجزء الآخر، فيكون هو الواجب، من دون أن يكون ترك ذاك الجزء شرطاً للوجوب، كي يرجع إلى اشتراط وجوب الأجزاء العشرة به.

وأمّا الصيغة الرابعة، وهي: أنّه مع ترك كليهما يتعلّق الأمر بهما، لفعليّة كلا الشرطين، وبما أنّ كلاًّ منهما واجب ضمنيّ، فهناك أمر واحد متعلّق بهما معاً، وهذا معناه طلب الجمع بعنوانه.

فالجواب: أنّ القدرة ـ التي هي شرط في المقام ـ ليست فقط بمعنى ترك المزاحم، بل بمعنى القدرة التكوينيّة أيضاً، وهو تكويناً غير قادر على الجمع، فلم يتعلّق الأمر بهما جمعاً، وإنّما تعلّق بالمقدار المقدور الذي لا ينطبق ـ في دائرة هذين الجزءين ـ على أزيد من أحدهما.

فتحصّل بهذا أنّ التزاحم بين الواجبين الضمنيّين معقول.

إلاّ أنّ هذا نوع تزاحم لا يجري فيه شيء من مرجّحات باب التزاحم.

أمّا الترجيح بالقدرة العقليّة فلا مجال له في المقام؛ إذ لابدّ في المقام من أن تكون القدرة في كلا الجزءين شرعيّة؛ إذ لو كانت عقليّة في كليهما، بأن كان كلّ منهما غير دخيل في الملاك ـ وحتّى القدرة بمعنى عدم الانشغال بالآخر ـ لزم العجز عن تحصيل الملاك، وسقط الواجب رأساً. ولو كانت عقليّة في أحدهما دون الآخر لم يعقل الأمر بالآخر مطلقاً، أي: حتّى على تقدير ترك الجزء الأوّل؛ إذ على هذا التقدير لا يعقل حصول الملاك لفواته بترك الجزء الأوّل.

وأمّا الترجيح بالأهمّيّة فقد أثبتنا فيما مضى أنّه لا مجال له في المشروطين بالقدرة الشرعيّة، وقد عرفت أنّهما مشروطان بالقدرة الشرعيّة دفعاً للصيغة الثانية من صِيغ الإشكال على التزاحم بين الواجبين الضمنيّين.