المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

229

 

التزاحم بين الواجبين الضمنيّين:

الأمر الثاني: في أنّه هل يتصوّر التزاحم المستقلّ عن التعارض بين واجبين ضمنيّين، كما يتصوّر بين الاستقلاليّين، أو لا؟

فقد يقال: إنّ الواجبين الضمنيّين حالهما حال الاستقلاليّين، حيث إنّ كلّ واحد منهما في ذاته قد تعلّق به الخطاب، من دون أيّ منافاة بينه وبين الخطاب بالآخر في ذاته، وإنّما تنشأ المشكلة من ضيق في قدرة المكلّف وعجز ـ صدفةً ـ عن الجمع بينهما، كما أنّه في الواجبين الاستقلاليّين أيضاً كانت المشكلة مشكلة الضيق في قدرة المكلّف.

وقد ذهب إلى ذلك ـ أي: إلى تصوير التزاحم، وعدم رجوعه إلى التعارض في الواجبين الضمنيّين ـ المحقّق النائينيّ(رحمه الله). وذهب السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ إلى عدم تصوير التزاحم بين واجبين ضمنيّين، ورجوعه إلى التعارض.

ونحن نذكر هنا صيغاً أربع فنّيّة لإثبات عدم تصوير التزاحم بين واجبين ضمنيّين، ثمّ نذكر شبهة يُهدف من ورائها إبطال كلّ تلك الصيغ، وإثبات تصوير التزاحم في الواجبين الضمنيّين، ثمّ ندرأ تلك الشبهة بتعميق تلك الصيغ، وبذلك ننتهي إلى القول بعدم تصوير التزاحم بين واجبين ضمنيّين وفاقاً للسيّد الاُستاذ دامت بركاته:

الصيغة الاُولى: أن يقال: إنّه بحسب الحقيقة لا يوجد إلاّ أمر واحد بمجموع الأجزاء، وإن كان ينحلّ بالتحليل العقليّ إلى أجزاء بعدد أجزاء الواجب. وهذا الأمر الواحد لا محالة يسقط بالعجز عن متعلّقه، سواءً كان ذلك بالعجز عن جميع الأجزاء، أو بالعجز عن مجموعها، باعتبار العجز عن أحدها المعيّن، أو باعتبار العجز عن أحدها غير المعيّن، أي: العجز عن الجمع بين جزءين مثلا، فإنّه على كلّ