المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

219


القدرة في المهمّ المتقدّم تعجيزاً عن الأهمّ المتأخّر؟

والجواب: نعم. وتوضيح ذلك: أنّ الأهمّ والمهمّ لو كانا متعاصرين لما كان صرف القدرة في أحدهما تعجيزاً عن الآخر؛ لأنّ زمن التعجيز ـ أي: زمن صرف القدرة في الضدّ الآخر ـ هو زمن القدرة، والعجز يأتي بعده مباشرة، أي: يأتي في زمان قد فات وقت كلا الضدّين، فلا يبقى معنى للتعجيز أصلا.

على أنّه لو فُرض استناد ترك أحد الضدّين إلى فعل الضدّ الآخر؛ لكونه مفوّتاً للقدرة على الضدّ المتروك، وتوقّف فعل أحد الضدّين على ترك الآخر؛ لأنّه تركٌ للمفوّت، لزم الدور.

أمّا لو لم يكونا متعاصرين، فمن الواضح أنّ القدرة حينما تضيق عن الجمع بين عملين طوليّين زماناً، يكون صرفها في الأوّل مفوّتاً للقدرة على الثاني ومعجّزاً عنه، ولا يلزم من ذلك شيء من المحذورين، لا محذور عدم تصوّر معنى للتعجيز، ولا محذور الدور:

أمّا الأوّل، فلأنّ العجز يتحقّق في الزمان الثاني، وهو زمان العمل الثاني.

وأمّا الثاني، فلأنّ إشكال الدور تارة: يُقصد تطبيقه على الضدّين الطوليّين بأن يقال: لو كان فعل الأوّل مفوّتاً للثاني، وكان في نفس الوقت متوقّفاً على الثاني لزم الدور.

وجوابه: أنّ التوقّف هنا من طرف واحد؛ فإنّ صرف القدرة في المتقدّم تعجيزٌ عن المتأخّر، ولا يعقل العكس، بأن يكون صرف القدرة في المتأخّر تعجيزاً عن المتقدّم، فلا دور.

واُخرى: يُقصد تطبيقه على الضدّ الأوّل مع حفظ القدرة للضدّ الثاني، فيقال: إنّ الضدّ الأوّل مع حفظ القدرة ضدّان عرضيّان، ولو كان كلّ واحد منهما متوقّفاً على ترك الآخر لزم الدور.