المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

218

القدرة، فقد عرفت أنّه أورد عليها: أنّ مخالفة حفظ القدرة إن كانت بالإتيان بالمهمّ، فالأمر به طلبٌ للحاصل. وإن كانت بعمل آخر يضادّه فالأمر به طلب للمحال.

ويرد عليه ـ بغضّ النظر عن أنّه قد يكون العمل الآخر مزاحماً للأهمّ وغير مضادّ للمهمّ ـ: أنّ معصية الأمر بحفظ القدرة أمرٌ سلبيّ، أعني: عدم حفظ القدرة، وهو أمرٌ ملازم للجامع بين الإتيان بالمهمّ، والإتيان بذلك الضدّ الثالث، ولا ضير في أن يأمر المولى بأحد الملزومين على تقدير الإتيان بلازم الأعمّ. وبكلمة اُخرى: لا بأس بأن يقول المولى: لو أتيت بما يلازم هذا الجامع فأت بالفرد الفلانيّ من أفراد هذا الجامع؛ فإنّ هذا ليس طلباً للحاصل ولا طلباً للمحال.

بل لو افترضنا أنّ مخالفة الأمر بحفظ القدرة، ليست أمراً ملازماً للجامع بين فعل المهمّ وفعل الضدّ الثالث، بل هي عين ذلك الجامع، قلنا أيضاً: إنّه لا يلزم من الأمر بأحد الفردين مشروطاً بالجامع طلب الحاصل ولا طلب المحال؛ لأنّ القيد إنّما هو الجامع بحدّه الجامعيّ، ولا تسري القيديّة من الجامع إلى أفراده.

نعم، لو قلنا بأنّ مخالفة الأمر بحفظ القدرة تكون عبارة عن الإتيان بهذا الجامع، وقد افترضنا وجوب حفظ القدرة شرعاً ـ إمّا غيريّاً أو نفسيّاً طريقيّاً ـ إذن، فهذا الجامع يكون حراماً، والحرمة تسري إلى كلا فرديه، فيصبح فعل المهمّ حراماً، فلا يعقل الترتّب.

إلاّ أنّ هذا مجرّد فرض غير مطابق للواقع؛ فإنّ مخالفة الأمر بحفظ القدرة(1)


(1) لا يخفى أنّ حفظ القدرة أمر انتزاعيّ، يُنتزع من عدم التعجيز، سنخ انتزاع التفويت من عدم الفعل. إذن، فالتعجيز يكون حراماً. فيقع الكلام في أنّه هل يكون صرف