المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

200

يكون في نفس الوقت مأموراً به، بناءً على عدم إمكان اجتماع الأمر والنهي لمجرّد تعدّد العنوان. أمّا بناءً على إمكانه فيدخل في القسم الخامس من التزاحم.

وأمّا إذا لم تصل الحال إلى مرتبة الضرر المحرّم، وإنّما كان الوضوء حرجيّاً، فارتفع الوجوب بدليل نفي الحرج، فالوضوء صحيح؛ للأمر الاستحبابيّ، فإنّ الأمر الاستحبابيّ لا يرتفع بالحرج؛ إذ لا حرج في الاستحباب(1).

 


(1) لقائل أن يقول: إنّ دليل نفي الحرج وإن كان لا يحكم على الأحكام الاستحبابيّة، لكن نفس الآية الكريمة في المقام تدلّ على تعيّن التيمّم، قال الله تعالى: ﴿وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً﴾ ـ س 4 النساء، الآية: 43، وس 5 المائدة، الآية: 6 ـ فالآية الشريفة في كلتا السورتين أمرت المرضى بالتيمّم، وظاهر الأمر هو الوجوب التعيينيّ.

وكذلك الحال بلحاظ الروايات من قبيل: صحيحة أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن الرضا(عليه السلام) «في الرجل تصيبه الجنابة وبه قروح أو جروح أو يكون يخاف على نفسه البرد، فقال: لا يغتسل، يتيمّم» ـ وسائل الشيعة، ج 3، ص 348 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 5 من التيمّم، ح 7 ـ وصحيحة داود بن سرحان عن أبي عبدالله(عليه السلام) «في الرجل تصيبه الجنابة وبه جروح أو قروح أو يخاف على نفسه من البرد، فقال: لا يغتسل ويتيمّم». وسائل الشيعة، ج 3، ص 348 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 5 من التيمّم، ح 8.

فهذه الأوامر ـ سواء القرآنيّة أو الروائيّة ـ بالتيمّم ظاهرة ككلّ أمر آخر في التعيينيّة، فتدلّ على بطلان الوضوء، فليس السبب في الحكم ببطلان الوضوء عدم ثبوت الأمر به، حتّى تنحلّ المشكلة عن طريق التمسّك بدليل الاستحباب النفسيّ للوضوء، وإنّما السبب في ذلك ظهور آيات التيمّم والروايات في وجوبه التعيينيّ.

ويمكن حلّ هذا الإشكال بأحد وجوه:

الوجه الأوّل: أن يقال: إنّ الأمر بالتيمّم في المقام لا يدلّ على الوجوب التعيينيّ؛ لأنّ