المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

198

عَلَى سَفَر﴾(1)، فمن الواضح أنّ السفر وإن كان قد يسبّب عدم تيسّر الماء، لكن المرض لا يسبّب عدم تيسّر الماء، وإنّما يسبّب عدم تيسّر الوضوء.

فتحصّل ـ من مجموع المقدّمتين ـ: أنّ عدم تيسّر الوضوء اُخذ في موضوع التيمّم، وبالتالي تيسّر الوضوء اُخذ في موضوع الحكم بالوضوء، وهذا معناه أخذ القدرة في موضوع الحكم، فتكون القدرة شرعيّة إذن، فعند مزاحمة الوضوء مع ما هو أهمّ لا يبقى ملاكٌ للوضوء، فيبطل الوضوء.

ويرد على ذلك:

أوّلا: أنّ أخذ القدرة الشرعيّة في موضوع الوضوء لم يُعلم، ومجرّد أخذ عدم القدرة في موضوع التيمّم لا يدلّ على ذلك، فإنّ غاية ما يدلّ عليه هي أخذ القدرة في موضوع خطاب الوضوء؛ لأنّ التفصيل قاطعٌ للشركة. أمّا كونها دخيلة في الملاك فهذا أمرٌ زائد لا يقتضيه كون التفصيل قاطعاً للشركة.

نعم، لو ذُكرت القدرة في لسان دليل الوضوء، لأمكن القول بأنّ هذا قرينة على دخلها في الملاك، من باب كون الأصل هو التأسيس لا التأكيد، أمّا مجرّد ذكر عدم القدرة في دليل بديل الوضوء، فلا نكتة لدلالته على أكثر ممّا يدلّ عليه العقل من اشتراط القدرة في موضوع الخطاب.


(1) لا يخفى: أنّ من المحتمل ـ أو المرجَّح ـ كون قيد عدم الوجدان راجعاً إلى الفروض الثلاثة الأخيرة المذكورة في قوله: ﴿عَلَى سَفَر أَوْ جَاء أَحَدٌ مّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء﴾ دون الفرض الأوّل المذكور في قوله: ﴿إِن كُنتُم مَّرْضَى﴾، فالأولى: تبديل هذه المقدّمة الثانية ببيان: أنّ عدم المرض ـ الشامل بإطلاقه للمرض الذي لم يصل إلى حدّ حرمة الوضوء الضارّ بسببه ـ بما أنّه ليس قيداً عقليّاً للحكم بالوضوء، فأصبح القاسم المشترك المأخوذ في الموضوع في كلّ الفروض الأربعة قيداً أوسع من القيد العقليّ، إذن فهمنا أنّ هذا القيد هو قيدٌ شرعيٌّ ودخيل في الملاك.