المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

190

نعم، لو قلنا باستحالة الترتّب لوقع التعارض بين الخطابين، ودخل التزاحم في باب التعارض، وكان مقتضى القاعدة سقوطهما، وعدم ثبوت أيّ خطاب في المقام لو لم يثبت إجماعٌ أو شبهه على ثبوت خطاب في الجملة، وإلاّ جاء احتمال ثبوت الخطاب بهذا معيّناً أو بذاك معيّناً أو بأحدهما، فلتشخيص الوظيفة نرجع إلى الاُصول الحكميّة.

وإن كانت القدرة فيهما شرعيّة:

فتارة: نفترض أنّ المقصود بالقدرة الشرعيّة: دخْل عدم الانشغال بالواجب الآخر في الملاك، فالصحيح حينئذ أنّ التخيير أيضاً عقليّ، وإن ذكر المحقّق النائينيّ(رحمه الله): أنّ التخيّير شرعيّ، بتقريب: أنّ القدرة دخيلة في الملاك، وهو غير قادر على المجموع، فلا ملاك في المجموع، لكنّه قادرٌ على أحدهما، أي: الجامع بينهما، فيثبت الملاك في أحدهما، أي: الجامع بينهما، والخطاب يتبع الملاك، فيثبت خطابٌ واحد بالجامع بينهما، وهذا هو التخيير الشرعيّ.

أقول: مقتضى القاعدة كون التخيير عقليّاً؛ وذلك لأنّ معنى دخل القدرة في ملاك كلّ واحد منهما، ليس هو عدم ثبوت الملاك إلاّ في الجامع بينهما، وإنّما معناه كون كلّ واحد منهما مشروطاً بترك الآخر، فهناك ملاكان مشروطان، لا ملاكٌ واحد في الجامع، والخطاب يتبع الملاك. إذن، يثبت في المقام خطابان مشروطان، وهو معنى التخيير العقليّ.

واُخرى: نفترض كون المقصود بالقدر الشرعيّة: اشتراط عدم المانع الشرعيّ عن الفعل، وحينئذ فإن قُصد بذلك عدم ما هو مانع شرعيّ عن الفعل ـ لولا الحكم بوجوب هذا الفعل ـ فمقتضى القاعدة عدم ثبوت شيء من الحكمين؛ لوجود المانع اللولائيّ، فإنّ كلّ واحد من الحكمين مانع عن الفعل الآخر لولا وجوبه بلا إشكال، فشرط أيّ واحد من الحكمين غير موجود، فيسقطان معاً لو لم يقم إجماع أو شبهه