المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

186

الأهمّيّة. إذن، فلو كان دليل أحد الحكمين فيه إطلاق ـ لكونه لفظيّاً ـ ودليل الآخرلم يكن فيه إطلاق ـ لكونه لبّيّاً مثلا ـ ثبتت أهمّيّة ذاك الحكم الأوّل.

إلاّ أنّ هذا الطريق باطلٌ نقضاً؛ إذ مقتضاه وقوع التعارض بين الإطلاقين حينما يكون كلّ من الدليلين مطلقاً، وهذا خلف ما افترضناه من عدم رجوع باب التزاحم إلى باب التعارض.

وحَلاًّ، ويمكن توضيح بطلانه حَلاًّ: إمّا ببيان ما مضى من أنّ التمسّك بإطلاق أحد الحكمين لصورة الانشغال بالآخر، تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة؛ لتقيّده لبّاً بعدم الانشغال بالأهمّ أو المساوي. أو ببيان أنّ الإطلاق فرع كون المولى في مقام البيان، بينما المتعارف في الموالي العرفيّة أنّه حينما يُطلق المولى حكماً، إنّما يقصد إثبات ذلك الحكم في ذاته، بغضّ النظر عن موازنته مع أحكام اُخرى بلحاظ عالم المزاحمة.

الثاني: أن يرد التصريح بأهمّيّة أحد الحكمين، كما ورد في دوران الأمر بين الصلاة في أوّل الوقت منفرداً والصلاة في آخر الوقت جماعةً: أنّ الثاني أفضل، طبعاً هذا المثال في المستحبّين، فإذا ورد شيء من هذا القبيل في أحد واجبين، ثبتت أهمّيّته من الواجب الآخر. وهذا الطريق واضح الصحّة لا إشكال فيه.

الثالث: أن يرد في أحد الواجبين التشديد في العقاب(1) على المخالفة، والتأكيد على الامتثال، بينما لم يرد مثل ذلك في مزاحمه، فبهذا يُعلم أو يُحتمل(2)ـ على الأقلّ ـ أهمّيّة الواجب الأوّل. ومثاله الحجّ مع النذر، حيث ورد في الروايات وفي الآية ـ على ما فُسّرت به فيها ـ كون تاركه كافراً، وأنّ تاركه يخيّر عند الموت بين أن يموت يهوديّاً أو نصرانيّاً أو مجوسيّاً، بينما لم يرد شيء من هذا القبيل في باب النذر. وهذا الطريق أيضاً صحيح.


(1) أو أيّ تأكيد من هذا القبيل، كبيان أنّه ممّا بُني عليه الإسلام.

(2) أو يوجب أقوائيّة الاحتمال.