المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

180

متساويين(1)؛ فلا مبرّر فيه لإطلاق كلّ واحد من الأمرين لصورة الانشغال بالآخر؛ إذ صرفه عنه إلى عِدله بلا موجب، ما دام المصروف عنه مساوياً للمصروف إليه في احتمال الأهمّيّة.

وقد اتّضح بما ذكرناه: أنّ المقيّد اللبّيّ بالدقّة يُخرج من إطلاق الأمر صورة ما إذا انشغل بضدٍّ له إحدى صفتين: الاُولى: أن يعلم بأنّه لا يقلّ أهمّيّة من المأمور به. والثانية: أن يحتمل كونه يقلّ أهمّيّة عنه، ولكن يوجد في مقابله احتمال مماثل أو أقوى لكون ذاك المأمور به هو الأقلّ أهمّيّة.

وقد تحصّل من كلّ ما ذكرناه: أنّ الأهمّيّة مرجّحة بكلّ مراحلها الثلاث.

 

بقي التنبيه على أمرين:

الأمر الأوّل: إنّ الأهمّ من المتزاحمين تارة: يُفرض قيام قرينة على أنّ ملاكه مشروط بعدم الانشغال بضدٍّ واجب آخر. واُخرى: يُفرض عدم قرينة على ذلك.

فإن فُرض الثاني كان الأهمّ مقدّماً على غير الأهمّ؛ وذلك لأنّ الأمر بالأهمّ يشمل بإطلاقه فرض الانشغال بالمهمّ؛ لعدم دخول الانشغال بالمهمّ في المقيّد اللبّيّ، المُخرِج لفرض الانشغال بالأهمّ أو المساوي، وبهذا الإطلاق يثبت أنّ القدرة في الأهمّ بالقياس إلى المهمّ عقليّة. أي: أنّ ملاكه ثابت حتّى مع الانشغال بضدّه الواجب. والانشغال بالأهمّ يرفع الأمر بالمهمّ؛ لأنّ المقيّد اللبّيّ قد أخرج صورة الانشغال بمزاحم لا يقلّ أهمّيّة عن المأمور به، ثابت ملاكه حتّى عند الانشغال بالمأمور به، وقد ثبت أنّ المزاحم هنا من هذا القبيل.

وإن فُرض الأوّل، أي: أنّ قدرة الأهمّ ـ بالقياس إلى واجب آخر مزاحم له ـ


(1) إلاّ إذا كان المحتمل في أحدهما أقوى، فهو ملحق بما إذا كان الاحتمال أقوى.