المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

177

على ذلك. ولو أمر به لكي يصرف العبد من ذاك إليه، فلا مبرّر لذلك، وهذا لا يقتضي التقييد بأزيد ممّا ذكرناه.

وتوضيح ذلك: أنّ المولى لو كان يمارس هذا التقييد بنحو القضيّة الخارجيّة، لقيّد الحكم بفرض عدم الانشغال بواقع ما لا يقلّ أهمّيّة عنه، فيقول: يا عبادي لا تجب عليكم الصلاة مثلا حينما تمنعكم عنها الإزالة، أو الفعل الفلاني، أو الفعل الفلاني. وعليه يكون المولى ناظراً في تقييده إلى كلّ ما لا يقلّ أهمّيّة عن المأمور به واقعاً؛ إذ هو بإمكانه أن يشخّص ذلك.

ولكن حيث إنّ المولى يمارس تقييداته بنحو القضيّة الحقيقيّة، فهو يتعامل في تقييداته مع العناوين لا مع الأفراد.

وحينئذ فالقدر المتيقّن هو: أنّ المولى قد قيّد أمره بعنوان فرض عدم الانشغال بضدٍّ يُعلم بأنّه لا يقلّ أهمّيّة عنه، أمّا فرض الانشغال بضدٍّ يُحتمل عقلائيّاً كونه أقلّ أهمّيّة عنه، أي: لا ندري أنّه هل هو مساو للمأمور به، أو أقلّ أهمّيّة عنه، فمن المعقول شمول إطلاق الأمر له؛ إذ لا يأتي هنا برهان: أنّه هل أراد بهذا الأمر أن يضمّ العبد ذلك إلى ما يزاحمه، أو أراد به صرف العبد عمّا يزاحمه؟ إذ نقول في الجواب: لعلّه أراد صرف العبد عمّا يزاحمه، بداعي أنّ هذا الصرف يحتمل كونه نافعاً للمولى؛ إذ لو كان ما يزاحمه واقعاً أقلّ أهمّيّة من المأمور به، فهذا الصرف نافع له. نعم، لو كان مساوياً له لم يكن فيه نفع، ولكنّ المولى حينما يتعامل مع هذا العنوان كقضيّة حقيقيّة، لا يمكنه أن يشخّص أنّه هل هو في الواقع أقلّ أهمّيّة من المأمور به، أو لا، فمن المعقول أن يأخذ بجانب الاحتياط، فيصرف العبد عنه إلى المأمور به.

إذن، فالبرهان اللبّيّ على التقييد غير موجود. ومن الواضح أنّ علم العبد واحتماله لقلّة الأهمّيّة وعدمها، لا يخلو من أماريّة على الواقع، إذن فمن الطبيعيّ