المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

176

الوجه الثالث: التمسّك أيضاً بأصالة الاشتغال بتقريب: أنّ مورد البراءة إنّما هو فرض الشكّ في الحكم بمبادئه. أمّا مع العلم بالملاك المُلزِم، واحتمال أنّ المولى رخّص في الخلاف لأجل الاضطرار من باب التزاحم مع ملاك الآخر، فتجري أصالة الاشتغال لا البراءة.

وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ كلا الملاكين مُحرَزان، وأحدهما ـ وهو ملاك الصلاة ـ نعلم بترخيص المولى في تركه على تقدير الانشغال بالإزالة، لأجل المزاحمة، ولكنّ الآخر ـ وهو ملاك الإزالة ـ لا نعلم بترخيص المولى في تركه على تقدير الانشغال بالصلاة، فلابدّ من الاحتياط.

ويرد عليه: أنّ هذا الكلام وإن كان صحيحاً كبرويّاً، ولكن في المقام لا كاشف عن ثبوت الملاك في الإزالة ـ على تقدير الانشغال بالصلاة ـ إلاّ إطلاق الأمر المفروض عدم ثبوته؛ لكون التمسّك به تمسّكاً بالعامّ في الشبهة المصداقيّة، وبهذا أبطلنا الوجه الأوّل.

والتحقيق هو: تماميّة الوجه الأوّل بعد إضافة نكتة إليه، وتوضيح ذلك: أنّ المخصّص اللبّيّ لو كان قد أخرج صورة الانشغال بضدٍّ لا يقلّ أهمّيّة عنه واقعاً، لتمّ ما قلناه: من أنّ التمسّك في المقام بإطلاق دليل الإزالة لصورة الانشغال بالصلاة، تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة.

ولكنّ الواقع أنّ هذا المخصّص لابدّ من إجراء تعديل عليه، وهذا التعديل الآن نبيّنه بصياغة ـ وإن كنّا سوف نُجري عليها تعديلا آخر في المرحلة الثالثة ـ وهي: أنّ الخارج بالمخصّص اللبّيّ من كلّ أمر ليس هو فرض الانشغال بضدٍّ لا يقلّ أهمّيّة عنه واقعاً، بل فرض الانشغال بضدٍّ يُعلم أنّه لا يقلّ أهمّيّة عنه؛ لأنّ الدليل على هذا التخصيص اللبّيّ كان عبارة عن أنّه مع الانشغال بذلك لو أمر المولى بالمزاحم، لكي يأتي المكلّف به منضمّاً إلى ما لا يقلّ أهمّيّة عنه، فهو غير قادر