المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

167

إلى الترجيح بالأهمّيّة أو أكبريّة احتمال الأهمّيّة، ففائدة ذكر الترجيح بعدم البدل على ما له البدل بيان أنّ هذا العنوان (أعني: عنوان ثبوت البدل لأحدهما دون الآخر) متى ما ثبت أوجب في نفسه انطباق مرجّح الأهمّيّة، بمعنى أكبريّة احتمال الأهمّيّة، بغضّ النظر عن تزاحم حساب ذلك بنكتة خارجيّة اُخرى تقتضي أهمّيّة الآخر.

والبرهان على ذلك برهانٌ رياضيّ مأخوذ من حساب الاحتمالات، وهو أنّه متى ما كانت عندنا كمّيّتان يقابل أيّ احتمال في صالح أكبريّة أحدهما، احتمالا آخر مثله في صالح أكبريّة الآخر، فلا محالة يكون احتمال الأكبريّة في أحدهما مساوياً لاحتمال الأكبريّة في الآخر. وإذا وجد من بين الاحتمالات احتمالٌ واحد في صالح أكبريّة أحدهما، لا يوجد في مقابله احتمالٌ في صالح أكبريّة الآخر، فلا محالة يصبح احتمال أكبريّة ذاك أرجح من احتمال أكبريّة مقابله.

وما نحن فيه ـ حينما لا نملك أيّ فكرة عن كمّيّة الملاك في كلّ واحد من المتزاحمين وقياسه إلى الآخر ـ من هذا القبيل، فإذا تزاحمت الصلاة مع الإزالة مثلا، ولم نملك أيّ فكرة عن ملاك كلّ واحد منهما، فلا محالة يكون كلّ احتمال في صالح أكبريّة أحدهما موازياً لاحتمال في صالح أكبريّة الآخر، فمثلا احتمال كون ملاك الصلاة نصف ملاك الإزالة، يوازيه احتمال كون ملاك الإزالة نصف ملاك الصلاة، واحتمال كون ملاك الصلاة رُبع ملاك الإزالة، يوازيه احتمال كون ملاك الإزالة رُبع ملاك الصلاة... وهكذا.

إلاّ أنّ هناك احتمالا واحداً ليس في مقابله احتمال آخر يوازيه، وهو احتمال كون ملاك الصلاة مساوياً لملاك الإزالة، فإنّ هذا الاحتمال لو عكسناه لكان عكسه عينه، وهو كون ملاك الإزالة مساوياً لملاك الصلاة؛ فإذا فُرض للصلاة بدل وهو الصدقة مثلا، أصبح هذا الاحتمال الوحيد الذي لا عِدل له في صالح أرجحيّة