المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

165

وعلى أيّ حال فقد تحصّل أنّه ليس من الصحيح الإيراد على الترجيح بثبوت البدل وعدمه، باحتياجه إلى مرجّح سابق، بل نفس ثبوت البدل وعدمه يكون مرجّحاً.

نعم، التحقيق أنّ هذا ـ بالدقّة ـ يرجع إلى الترجيح بالأهمّيّة أو باحتمال الأهمّيّة. ولتوضيح الفكرة نفترض ثلاثة فروض ونشرح الحال فيها:

الفرض الأوّل:أن يوجد عندنا واجبان متزاحمان، كالصلاة والإزالة، ولأحدهما بدل وهو الصلاة مثلا، ونحن نعلم أنّ الواجبين متساويان في الملاك، وهنا يتمّ الترجيح بالبدليّة واللابدليّة، بناءً على كون دليل البدليّة شاملا لفرض العجز بمعنى العذر؛ وذلك لأنّه لو أتى بالصلاة فاته كلّ ملاك الإزالة الذي نفترضه ـ مثلا ـ عشر درجات، بينما لو أتى بالإزالة لأمكنه الإتيان ببدل الصلاة، فلا يكون قد فاتته كلّ الدرجات العشرة من ملاك الصلاة؛ لأنّ البدل يتدارك خمساً منها مثلا. فطرف المزاحمة مع الإزالة ذات الدرجات العشرة للملاك، إنّما هو مقدار التفاوت بين الصلاة وبدلها، وهو خمس درجات، فالإزالة أهمّ، وكان الترجيح بهذه الأهمّيّة(1).

الفرض الثاني: أن لا نملك فكرةً عن ملاكي الصلاة والإزالة، فنحتمل تساويهما، ونحتمل رجحان الأوّل، ونحتمل رجحان الثاني. وعندئذ فاحتمال رجحان ملاك الصلاة يوازيه احتمال رجحان ملاك الإزالة، ويبقى احتمال التساوي، وهذا الاحتمال في الحقيقة احتمالٌ لأهمّيّة الإزالة ورجحانه؛ لما عرفت


(1) وكذلك الحال لو فرضنا أنّ البدل يتدارك كلّ ملاك المبدل، فأيضاً يكون الترجيح بروح الأهمّيّة، وإن فُرض عدم صدق الأهمّيّة لغة مثلا؛ لاشتراط وجود أصل الوصف المتفاضل فيه في طرف المرجوح في باب أفعل التفضيل.