المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

164

من دليل البدليّة بحسب اختلاف ألسنته، فقد يُستظهر منه أنّ موضوع البدليّة هو العجز عن المبدل بمعنى يشمل الوقوع في المحذور الشرعيّ، فيقصد بالعجز التشريعيّ استلزام الوقوع في المحذور الشرعيّ، وعندئذ لابدّ من التفتيش عن مرجّح آخر سابق؛ إذ لولاه لا يقع ـ من ترك ما ليس له البدل للانشغال بما له البدل ـ في محذور شرعيّ.

إلاّ أنّه قد يُستظهر منه أنّ موضوع البدليّة هو العجز عن المبدل بمعنى يشمل المعذوريّة، فيقصد بالعجز التشريعيّ المعذوريّة الشرعيّة، وعندئذ يصبح ما ليس له البدل مقدّماً على ما له البدل في المتساويين(1)، بلا حاجة إلى مرجّح سابق؛ وذلك لأنّ الانشغال بالمساوي يكفي في المعذوريّة شرعاً عمّا يساويه، فإذا انشغل بما ليس له البدل كان معذوراً عمّا له البدل، فيأتي ببدله، وبذلك يجمع بين الملاكين، بينما لو انشغل بما له البدل فاته الآخر نهائيّاً.

هذا كلّه إذا فُرض أنّ زمان الإتيان بالبدل هو زمان القدرة على المبدل، أو فُرض أنّ العجز التكوينيّ الناشئ عن العمد والاختيار لا يُحقّق موضوع البدليّة. أمّا لو فرضنا أنّ العجز التكوينيّ العمديّ كان كافياً في تحقيق موضوع البدليّة، وأنّه كان قادراً على البدل بعد عجزه عن المبدل، فحتّى لو فسّرنا العجز التشريعيّ بمعنى استلزام الوقوع في المحذور الشرعيّ، لا بمعنى العذر الشرعيّ، أمكن ترجيح ما ليس له البدل على ما له البدل في المتساويين، من دون فرض مرجّح سابق؛ إذ لو اشتغل بما له البدل فاته الآخر نهائيّاً، بينما لو اشتغل بما ليس له البدل عجز تكويناً ـ بعد مضيّ آن مثلا، أو بانتهائه من العمل ـ عمّا له البدل؛ لفرض التزاحم بينهما، فتصل النوبة إلى البدل، فيأتي بالبدل، فقد جمع بهذا بين الملاكين.


(1) وفي كلّ مورد لم نجد مرجّحاً آخر لما ليس له البدل، ولو لم نجزم بتساويهما.