المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

162

وتحقيق الكلام في ذلك: أنّه تارة نتكلّم في مرجّحيّة هذا المرجّح بعنوانه مستقلاًّ عن باقي المرجّحات، فيكون المطلوب معرفة ما إذا كان يوجد برهانٌ على مرجّحيّة ما ليس له البدل على ما له البدل بهذا العنوان، وبغضّ النظر عن باقي المرجّحات. واُخرى نتكلّم في مرجّحيّة هذا المرجّح بلحاظ رجوعه إلى مرجّح آخر، فيكون المطلوب معرفة ما إذا كان يوجد برهانٌ على استلزام هذا العنوان لصدق مرجّح آخر من سائر المرجّحات، فالكلام يقع في مقامين:

المقام الأوّل: في ترجيح ما لا بدل له على ما له البدل بالأصالة ومستقلاًّ عن سائر المرجّحات.

وأحسن ما يمكن أن يقال في مقام البرهنة على ذلك هو: أنّه قد مضى فيما سبق برهانٌ على أنّ كلّ حكم مشروطٌ بعدم انشغال المكلّف بما لا يقلّ أهمّيّة عنه، وهو أنّه في فرض انشغال العبد بما لا يقلّ أهمّيّة عنه، لماذا يأمره المولى بالفعل الآخر؟ هل يأمره به لكي يأتي به منضمّاً إلى ذلك الفعل، أو لكي يصرفه عن ذلك الفعل إلى هذا الفعل؟ أمّا الأوّل فغير معقول؛ لعدم قدرة المكلّف على الإتيان به منضمّاً إلى الفعل الآخر. وأمّا الثاني فأيضاً غير معقول؛ إذ الفعل الذي فُرض انشغال المكلّف به ليس بأقلّ أهمّيّة من الفعل الذي يُؤمر به، فلا داعي لصرفه عنه إليه.

إلاّ أنّ هذا الشرط ينبغي إدخال تعديل عليه، وذلك بأن يقال: إنّ كلّ حكم مشروط بعدم انشغال المكلّف بما لا يقلّ أهمّيّة عنه ممّا ليس له بدل؛ إذ لو كان له بدل لا يتأتّى ذلك البرهان، فنبقى نحن وإطلاق الخطاب؛ إذ لا نرفع يدنا عن إطلاق الخطاب إلاّ بالمقدار الذي يقتضيه ذلك المقيّد اللبّيّ.

والوجه في عدم تأتّي ذلك البرهان أنّه لو قيل لماذا يأمر المولى بذلك الفعل، هل لكي يجمع العبد بينه وبين الفعل الآخر، أو لكي يصرفه عنه إليه؟ لأمكن أن يجاب على ذلك باختيار الشقّ الثاني، بأن يقال: إنّ المولى يأمره بهذا الفعل لكي