المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

158

شرعيّة(1)، وإطلاق التقييد بعدم الانشغال بواجب آخر يشمل مثل هذا الواجب، بينما هذا لا يمكن تخريجه على أساس كون ملاك هذا المزاحم أهمّ أو مساوياً؛ إذ حتّى لو كان كذلك، وكانت القدرة في هذا الواجب عقليّة، لكان مقدّماً على ذاك المزاحم، ولم يبق مبرّر للتقييد بعدم الانشغال بواجب آخر. إذن، يستكشف من ذلك أنّ كلّ واجب آخر يكون بامتثاله رافعاً لملاك هذا الواجب. أمّا احتمال التبعيض، بأن تكون القدرة في هذا الواجب تجاه كلّ واجب مقيّد بالقدرة الشرعيّة شرعيّة وتجاه غير ذلك عقليّة، فغير عقلائيّ.

وإمّا بتقريب أنّ الظاهر من دليل التقييد بعدم الانشغال بواجب آخر هو: أنّ ذات الانشغال بواجب آخر ـ بنحو القضيّة الحقيقيّة ـ(2) هو المانع عن وجوب هذا


(1) لا يخفى أنّ دعوى هذا العلم الإجماليّ تنافي ما سيأتي من البرهنة على أنّ القدرة في الواجب الآخر عقليّة.

(2) الظهور في كون القيد ملحوظاً بنحو القضيّة الحقيقيّة، إنّما يكون فيما إذا كان لحاظ الخارج من قِبَل المولى ـ بما هو مولى ـ غير ممكن إلاّ على أساس إعمال الغيب، ولكن في المقام يكون المولى ـ بما هو مولى ـ مطّلعاً على باقي واجباته، وعلى حدود ملاكات الواجبات، فلحاظ ذلك ليس خلاف الظاهر.

والأولى من كلّ هذه التقريبات أن يقال: إنّ الواجب الذي اُخذ في لسان دليله، قيد عدم الانشغال بواجب مزاحم، لا يخلو حال هذا القيد فيه ـ بالقياس إلى الواجب الآخر ـ من كونه قدرة عقليّة غير دخيلة في الملاك، أو شرعيّة دخيلة في الملاك. وعلى الثاني، فالقدرة في الواجب الآخر ـ الذي لم تؤخذ في لسان دليله ـ عقليّة، بالبرهان الذي سيأتي في المتن بعد أسطر: من شمول إطلاق دليل الواجب الآخر لفرض الانشغال بواجب كانت قدرته شرعيّة. وعلى الأوّل، فالقدرة في الواجب الآخر الذي لم تؤخذ في لسان دليله