المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

157

بواجب آخر، فيقول مثلا: (إن لم يكن لديك شغل واجب فاصنع كذا). وعندئذ يتقدّم كلّ واجب آخر عليه؛ وذلك لأنّنا إن ادّعينا أنّ المستظهر عرفاً من هذا التقييد أنّه لا تجعل هذا الواجب مزاحماً لأيّ واجب آخر، بل قدّم كلّ واجب آخر عليه بالأهمّيّة، فلا إشكال في التقديم. وإن لم ندّع هذا الاستظهار العرفيّ كفانا في تخريج تقديم كلّ واجب آخر عليه أحد تقريبين:

التقريب الأوّل: أن يُدرج ذلك فيما سيأتي ـ إن شاء الله ـ من الترجيح باحتمال الأهمّيّة بأن يقال: إنّ هذا الواجب الذي اُخذ في موضوعه عدم الانشغال بواجب آخر، لا نشكّ في أنّه على تقدير كون القدرة المأخوذة فيه ـ في مقابل مزاحمه ـ عقليّة، فهو ليس بأهمّ من مزاحمه، وإلاّ لما كان يؤخذ عدم الانشغال بمزاحمه في موضوعه، بينما نحتمل أهمّيّة مزاحمه منه.

وأمّا على تقدير كون قدرته شرعيّة فالاحتمالات متكافئة. إلاّ أنّ الترجيح بهذا البيان موقوف على قبول الترجيح بالأهمّيّة حتّى في المشروطين بالقدرة الشرعيّة الذي سيأتي بحثه في المرجّح الثالث؛ إذ من المحتمل كون كلا الواجبين في المقام مشروطين بالقدرة الشرعيّة.

التقريب الثاني: أن يقال: إنّ القدرة المأخوذة في الواجب ـ المشروط بعدم الانشغال بواجب آخر ـ شرعيّة حتماً، وليست عقليّة؛ وذلك لأنّ نكتة أخذ عدم الانشغال بواجب آخر في موضوع هذا الواجب ليست هي مجرّد أنّ المولى لاحظ ـ بنحو القضيّة الخارجيّة ـ أنّ كلّ ما يزاحم هذا الواجب فهو إمّا أهمّ منه أو مساو له مثلا، أو أنّ المولى لاحظ هذا الواجب، فرأى أنّ ملاكه هو أقلّ مقدار ممكن من الملاك الباعث للإيجاب، بل يستكشف من ظاهر دليل التقييد بعدم الانشغال بواجب آخر أنّ الانشغال بواجب آخر يرفع ملاك هذا الواجب، وذلك:

إمّا بتقريب أنّنا نعلم ـ ولو إجمالاً ـ أنّ بعض الواجبات في الشريعة قدرته