المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

156

أمّا إذا لم تؤخذ القدرة بالمعنى الثالث في دليل أحد الحكمين، فإن فُرض تساوي الدليلين في عدم أخذ القدرة ـ التي هي قيد لبّيّ ـ في لسان أحدهما، أو أخذها في لسانهما معاً بنهج واحد، فمن الواضح أنّه عندئذ لا معنى لترجيح أحد الحكمين على الآخر.

وإن فُرض أخذ ذلك القيد اللبّيّ في أحدهما دون الآخر، فهذا يدخل في الصورة الاُولى من الصور الأربع التي مضى ذكرها لو اعترفنا بمجموع أمرين: أحدهما: أنّ أخذ القدرة في لسان الدليل قرينة على دخلها في الملاك. والآخر: أنّ عدم أخذ القدرة في لسان الدليل قرينة على عدم دخلها في الملاك، إمّا للدلالة الالتزاميّة، أو لإطلاق المادّة، فعندئذ يكون هذا داخلا في الصورة الاُولى، أعني: ما لو ثبت في أحدهما أنّ القدرة شرعيّة وفي الآخر أنّها عقليّة، فيقدّم الثاني على الأوّل.

أمّا لو لم يتمّ كلا الأمرين فيدخل المورد في الصورة الثانية من تلك الصور، أعني: ما لو لم نحرز في كليهما أنّ القدرة عقليّة أو شرعيّة.

وأمّا لو فُرضت تماميّة الأمر الأوّل وعدم تماميّة الأمر الثاني ـ كما هو الصحيح ـ دخل المورد في الصورة الثالثة من تلك الصور، أعني: ما لو اُحرز في أحدهما أنّ القدرة شرعيّة، ولم يُحرز في الآخر أنّها شرعيّة أو عقليّة.

ولو فرض العكس، أعني: تماميّة الأمر الثاني دون الأوّل، دخل في الصورة الرابعة، أعني: ما لو اُحرز في أحدهما أنّ القدرة عقليّة ولم يُحرز في الآخر أنّها عقليّة أو شرعيّة، وهذا كاف في الترجيح كما مضى، إلاّ أنّ هذا كلّه مجرّد فرض.

أمّا ما هو المنسجم مع التعبير العرفيّ والفقهيّ، فهو أنّه حينما يؤخذ في لسان الدليل عدم الانشغال بالمزاحم، لا يؤخذ عادة فيه ذلك القيد اللبّيّ بحدوده، أعني: عدم الانشغال بخصوص الأهمّ أو المساوي، بل يؤخذ مطلق عدم الانشغال