المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

154

وإن قلنا: إنّ غاية ما تقتضيه بداهة اشتراط القدرة وارتكازيّته، عدم تماميّة مقدّمات الحكمة لتكوين الظهور في الإطلاق، فهذا إنّما يضرّ بإطلاق المادّة بلحاظ المحمول البارز وهو الحكم، دون إطلاقها بلحاظ المحمول المستتر وهو الملاك.

وخلاصة الكلام في هذا المقام: أنّه لو لم تؤخذ القدرة في لسان الدليل، لم نقبل أنّ هذا شاهد على كون القدرة عقليّة لا شرعيّة، بل من المحتمل أن تكون شرعيّة. ولو اُخذت القدرة في لسان الدليل، فظاهر ذلك كون القدرة شرعيّة، وذلك لأجل الوجه الثالث(1).

وهذا المقدار من البيان لا يوجب تقديم أحد الحكمين المتزاحمين على الآخر بالقدرة الشرعيّة بغضّ النظر عن قرائن خاصّة؛ إذ لئن كان أخذ القدرة في لسان الدليل في أحدهما شاهداً على كون القدرة فيه شرعيّة ودخيلة في الملاك، فمن المحتمل كون القدرة في الآخر الذي لم تؤخذ في لسان دليله أيضاً كذلك.

نعم، يبقى أن يعيّن معنى القدرة التي استظهرنا دخلها في الملاك. وهذا راجع إلى الاستظهار من الكلمة الدالّة على القدرة المأخوذة في لسان الدليل، فقد


(1) هذا الاستظهار غير واضح؛ فإنّه لو كان دخل القدرة في لسان الدليل في ذاته مجملا مردّداً بين دخلها في الحكم ودخلها في الملاك، أو قل: بين القدرة العقليّة والقدرة الشرعيّة، أمكن القول بأنّ الظهور في التأسيس ـ أو قل: استبعاد التأكيد ـ يصرف الكلام إلى القدرة الشرعيّة. ولكنّ الواقع ليس كذلك، وإنّما أخذ القدرة يدلّ في ذاته على جامع الدخل في الحكم، الأعمّ من كونه بسبب دخله في الملاك، أو بسبب عدم صحّة إطلاق الحكم للعاجز. وهذا المقدار الجامع يحكم به العقل على كلّ حال، ولو من باب إيمانه بعدم صحّة إطلاق الحكم للعاجز، وتكون التأسيسيّة أو التأكيديّة رهينة لما يكون اللفظ في ذاته ساكتاً عنه، وهو دخل القدرة في الملاك وعدمه، وعندئذ لا يتكوّن للكلام ظهور في التأسيس.