المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

153

بفرض القدرة، ولا نعني بالتقييد المولويّ ـ الذي يُحمل عليه ما يأتي على لسان المولى من تقييد عند بيان الحكم ـ إلاّ هذا المعنى، أعني: تضييق المولى دائرة تشريعه عن عمد واختيار. غاية الأمر أنّ نكتة هذا التقييد وملاكه تختلف، فقد تكون نكتته ضيق دائرة الملاك، وقد تكون نكتته القبح العقليّ لتكليف العاجز مثلا.

الوجه الثالث: أن يقال: إنّه لو فُرضت القدرة عقليّة فأخذها في لسان الدليل يكون مجرّد تأكيد صِرف، واستبعاد ذلك عند العرف يُعطي لأخذ القدرة ظهوراً سياقيّاً في معنىً آخر تأسيسيّ، وهو دخلها في الملاك.

وهذا الوجه قد ينافي الدعوى الاُولى؛ وذلك لأنّه إن فُرض التقييد اللبّيّ للخطاب بالقدرة تقييداً نظريّاً كالمنفصل، إذن فالتأكيد عليه بأخذ القدرة في لسان الدليل حسنٌ عرفاً وغير مستبعد، فإنّه تنبيهٌ على شيء غير واضح، ولا يوجب أخذ القدرة في لسان الدليل صرفها إلى القدرة الشرعيّة.

وإن فُرض تقييداً بديهيّاً كالمتّصل، إذن تبطل الدعوى الاُولى، وهي دعوى: أنّ عدم أخذ القدرة في لسان الدليل يوجب حملها على القدرة العقليّة، إذا كان الوجه في ذلك التمسّك بالدلالة الالتزاميّة؛ إذ مع فرض كون التقييد بالقدرة لبّيّاً كالمتّصل، لا تنعقد الدلالة المطابقيّة على الإطلاق لحال العجز، حتّى تستتبع دلالة التزاميّة على ثبوت الملاك حين العجز.

وأمّا إذا كان الوجه في ذلك دعوى التمسّك بإطلاق المادّة:

فإن قلنا(1): إنّ بداهة اشتراط القدرة في الحكم وارتكازيّته كانت بنحو ينصرف إطلاق المادّة إلى الحصّة المقدورة حتّى كأنّ المولى قد أتى بكلمة القدرة في عبارته، إذن بطل التمسّك بإطلاق المادّة أيضاً.


(1) القول بهذا لا مبرّر له.