المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

152

أخذ القدرة في لسان الدليل كون القدرة عقليّة؛ لأنّ إطلاق الدلالة المطابقيّة لحال العجز لا موجب لسقوطه عن الحجّيّة، كي لا تثبت الدلالة الالتزاميّة، وهي الدلالة على ثبوت الملاك حال العجز. إلاّ أنّنا لا نقول بهذا المبنى كما مضى.

الدعوى الثانية: أنّه متى ما اُخذت القدرة في لسان الدليل، فالأصل فيها أن تكون شرعيّة ودخيلة في الملاك. وهذه الدعوى يمكن إثباتها ولو بحسب النتيجة بأحد وجوه ثلاثة:

الوجه الأوّل: أن يقال: إنّه إذا اُخذت القدرة في لسان الدليل لم يتمّ شيء من الاستظهارين اللذين يستدلّ بهما على كون القدرة عقليّة حينما لا تؤخذ القدرة في لسان الدليل؛ فإنّه لا تبقى دلالة التزاميّة على ثبوت الملاك في حال العجز؛ لأنّ الدلالة المطابقيّة على الحكم تنهدم بوجودها لا بحجّيّتها مع فرض وجودها، حتّى يقال: إنّ انهدام حجّيتها لا يعني انهدام حجّيّة ما تستتبعها من دلالة التزاميّة، ولا يبقى إطلاق للمادّة حتّى يتمسّك به لإثبات الملاك حال العجز.

وهذا الوجه وإن كان لا يثبت كون القدرة شرعيّة ودخيلة في الملاك، لكنّه يعطي نفس النتيجة من ناحية أنّه يثبت عدم تماميّة الدلالة على كون القدرة عقليّة، فبالتالي لا يثبت لدينا اشتمال المتعلّق على الملاك في حال العجز.

الوجه الثاني: أن يقال: إنّه لو حُملت القدرة المأخوذة في لسان الدليل على كونها دخيلة في غرض المولى وملاك الحكم، كان التقييد مولويّاً وصادراً من المولى بما هو مولى، بينما لو حُملت على القدرة العقليّة، كان التقييد عقليّاً بملاك حكم العقل بقبح تكليف العاجز مثلا. ومن الواضح أنّ التقييد الذي يأتي على لسان المولى في مقام بيان الحكم ظاهرٌ في التقييد المولويّ.

وهذا الوجه غير صحيح؛ فإنّ التقييد بالقدرة على أيّ حال تقييد مولويّ؛ إذ ليس التقييد بالقدرة إلاّ عبارة عن تضييق المولى دائرة تشريعه ـ عمداً واختياراً ـ