المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

150

الثاني مقدّم على المشروط بالقدرة الشرعيّة بالمعنى الثالث. وأنّ المشروط بالقدرة الشرعيّة بالمعنى الثالث ـ إذا كان مشروطاً بعدم الوجود الفعليّ ـ مقدّم على المشروط بعدم الوجود اللولائيّ.

وكلّ واحد من هذه الأساليب الثلاثة قد يطبّق على مثال تزاحم الحجّ والنذر في مقام تقديم الحجّ على النذر:

فقد يقال: إنّ الحجّ مقدّم على النذر؛ لأنّ الحجّ مشروط بالقدرة العقليّة، لكنّ النذر مشروط بالقدرة الشرعيّة استظهاراً من مثل قوله: «شرط الله قبل شرطكم»، وإن كان قد يعكس الأمر، فيقدّم النذر بدعوى: كون قدرته عقليّة، والقدرة في الحجّ شرعيّة استظهاراً من مثل قوله: ﴿لِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاع ...﴾.

وقد يقال: إنّ الحجّ مقدّم على النذر وإن فُرضت قدرته شرعيّة، بقرينة قوله: ﴿مَنِ اسْتَطَاع﴾؛ وذلك لأنّ القدرة المشروطة في النذر هي القدرة الشرعيّة بالمعنى الثالث، وذلك بأن يستظهر من قوله: «شرط الله قبل شرطكم» أنّ مجرّد وجود شرط الله يمنع عن وجود شرطنا، بينما لا يستظهر من دليل الحجّ أزيد من اشتراط القدرة بالمعنى الثاني.

وقد يقال: إنّ الحجّ مقدّم على النذر، وإن فُرض أنّنا استظهرنا من قوله:﴿مَنِ اسْتَطَاع﴾ الاستطاعة بمعنى يشمل عدم المزاحم، فكانت قدرته شرعيّة بالمعنى الثالث؛ وذلك لأنّ النذر أيضاً مشروط بالقدرة الشرعيّة بالمعنى الثالث، ويكون مشروطاً بعدم الوجود اللولائيّ للمزاحم، استظهاراً من قوله: «شرط الله قبل شرطكم» بأن يقال: إنّ هذا يعطي معنى: أنّه متى ما ثبت شرط الله ـ ولو بغضّ النظر عن شرطكم ـ كفى ذلك في عدم تحقّق شرطكم؛ لأنّه شرط واقع قبل شرطكم. بينما في الحجّ غاية ما يمكن أن يقال هي: أنّه يكون مشروطاً بعدم الوجود الفعليّ للمزاحم. وسيأتي تفصيل الكلام في هذا الفرع إن شاء الله.