المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

149

يتقدّم أحدهما على الآخر حينما يكون الشرطان مختلفين. ونذكر بهذا الصدد صورتين:

الصورة الاُولى: ما لو كان أحد الحكمين مشروطاً بالقدرة الشرعيّة بالمعنى الثاني ـ أي: أنّ ملاكه كان مقيّداً بعدم انشغاله بالمزاحم ـ والحكم الآخر كان مشروطاً بالقدرة الشرعيّة بالمعنى الثالث ـ أي: أنّ ملاكه تقيّد بعدم توجّه الحكم المزاحم إليه ـ فالأوّل يقدّم على الثاني.

والبرهان على ذلك: أنّ الحكم الثاني لا يمكن أن يكون فعليّاً؛ إذ هل تُفرض فعليّته حتّى مع فرض فعليّة الأوّل، أو تُفرض فعليّته على تقدير عدم فعليّة الأوّل؟

فإن فرض الأوّل ـ وهو فعليّته حتّى لو فُرضت فعليّة الأوّل ـ فهذا خلف؛ لأنّ المفروض أنّ الخطاب الثاني مشروط بعدم توجّه الخطاب الآخر إليه.

وإن فُرض الثاني ـ وهو تقيّده بما لو لم يكن الخطاب الآخر فعليّاً في حقّه ـ ففرض عدم فعليّة الآخر في حقّه هو فرض انشغاله بالثاني؛ لأنّ المفروض أنّه مقيّد بعدم انشغاله به، إذن فتقيّد هذا الخطاب بعدم فعليّة ذاك الخطاب يساوق تقيّده بالإتيان بمتعلّق نفسه، والتكليف بشيء على تقدير الإتيان به غير معقول.

الصورة الثانية: ما لو كان كلّ واحد من الحكمين مقيّداً بعدم الحكم الآخر، إلاّ أنّ أحدهما كان مقيّداً بعدم الوجود اللولائيّ للآخر، أي: أنّه لو كان للآخر وجود لولا هذا فهذا غير موجود، والآخر كان مقيّداً بعدم الوجود الفعليّ للأوّل، فالثاني يقدّم على الأوّل؛ إذ هو مشروط بعدم الوجود الفعليّ للأوّل، وهذا الشرط حاصل؛ إذ الأوّل ليس له وجود فعليّ؛ لأنّ وجوده الفعليّ مشروط بعدم الوجود اللولائيّ للآخر، وهذا الشرط غير متحقّق؛ بداهة أنّه لولاه لكان الحكم الآخر فعليّاً بلا إشكال. إذن، فشرط الثاني حاصل، وشرط الأوّل غير حاصل، فيقدّم عليه لا محالة.

وقد تحصّل بكلّ ما ذكرناه: أنّ المشروط بالقدرة العقليّة مقدّم على المشروط بالقدرة الشرعيّة بأحد المعنيين الأخيرين. وأنّ المشروط بالقدرة الشرعيّة بالمعنى