المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

148

والاُخرى: عكس الصورة الثالثة، أي: ما لو ثبت في أحد الواجبين أنّ القدرة عقليّة، ولم نعرف أنّ القدرة في الآخر عقليّة أو شرعيّة، فلو قدّم الأوّل على الثاني كانت خسارة المولى احتماليّة، بينما لو عكس كانت خسارة المولى قطعيّة.

والصحيح: أنّ هذه الصورة تُلحق بالصورة الاُولى؛ وذلك لأنّ سعة دائرة ملاك الأوّل ودخوله في العهدة معلوم، والاشتغال اليقينيّ يستدعي الفراغ اليقينيّ، فلو أتى بالأوّل قطع بالفراغ من ملاكه واحتمل فوت ملاك الثاني، لكنّه تحت التأمين؛ لعدم الجزم بسعة ملاك الثاني وثبوته عند الاشتغال بالأوّل.

أمّا لو أتى بالثاني لم يحصل له الجزم بخروجه عن عهدة ملاك الأوّل؛ إذ الخروج عن عهدة ملاك الأوّل يكون بأحد أمرين: إمّا بالإتيان به لكي لا يخسر المولى ذاك الملاك، وهذا ما لم يفعله. وإمّا بالإتيان بما يجبر هذه الخسارة، أي: بملاك آخر يساويه مثلا، ممّا كان يخسره المولى لو أتى بالأوّل، وهذا غير معلوم؛ إذ لعلّ ملاك الآخر مشروط بالقدرة، فلو كان يأتي بالأوّل لم يكن يخسر المولى، حتّى يكون الإتيان بالثاني جبراناً لكسر خاطر المولى بتفويت ملاك الأوّل عليه. إذن، فقاعدة الاشتغال محكّمة في المقام(1).

فتحصّل أنّ الترجيح بهذا المرجّح منطبق بلا إشكال على الصورة الاُولى، وغير منطبق بلا إشكال على الصورة الثانية، والصحيح: عدم انطباقه على الصورة الثالثة، والصحيح: انطباقه على الصورة الرابعة.

البحث الثاني: أنّه قد يكون كلا التكليفين مشروطاً بالقدرة الشرعيّة، ومع ذلك


(1) سنخ تحكيمها في موارد الشكّ في القدرة على الامتثال؛ لعلمه بالملاك المبرز وشكّه في القدرة على عدم تخسير المولى.