المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

146

دون العكس. أمّا إذا كان الانشغال بأحدهما رافعاً لملاك الآخر دون العكس، فلا محالة يقدّم الأوّل على الثاني؛ إذ لو انشغل العبد بالأوّل لم يخسر المولى شيئاً من الملاكين: أمّا ملاك الأوّل فلأنّه قد حصل بالامتثال، وأمّا ملاك الثاني فلأنّه قد ارتفع موضوعه. ولكن لو انشغل بالثاني خسر المولى ملاك الأوّل، وعليه فيصبح الحكم الثاني مشروطاً بعدم امتثال الحكم الأوّل، ولا يكون الحكم الأوّل مشروطاً بعدم امتثال الثاني، بل يكون مطلقاً من هذه الناحية، فيكون الحكم الأوّل وارداً على الحكم الثاني بالامتثال.

ولا يرد هنا ما مضى من أنّ المولى لماذا يأمر العبد بالأوّل بالرغم من انشغاله بالثاني؟ هل لكي يأتي به العبد منضمّاً إلى الثاني، أو لكي يصرفه عن الثاني إلى الأوّل؟ أمّا الأوّل فهو غير مقدور للعبد، وأمّا الثاني فهو بلا موجب مع فرض المساواة في الملاك؛ فإنّه إن قيل كذلك اخترنا في مقام الجواب: الفرض الثاني، وهو أنّه يأمره بالأوّل لكي يصرفه عن الثاني إلى الأوّل؛ لما عرفت من أنّ العبد لو انشغل بالأوّل لم يخسر المولى شيئاً من الملاكين، ولو انشغل بالثاني خسر الأوّل.

وإن قُصد بالقدرة ـ زائداً على ما مضى ـ: عدم توجّه تكليف آخر إليه، بما يضادّ متعلّق هذا التكليف رجع حاصل الترجيح إلى أنّ الحكم الذي لا يكون عدم التكليف بما يضادّ متعلّقه دخيلا في ملاكه، مقدّم على الحكم الآخر الذي يكون عدم التكليف بالضدّ دخيلا في ملاكه.

وهذا الكلام صحيح؛ لأنّ التكليف الأوّل يكون وارداً على التكليف الثاني بنفسه. وهذا الأمر تامّ حتّى لو قيل باستحالة الترتّب؛ فإنّ تعليق أحد الحكمين على عدم توجّه الحكم الآخر إليه يرفع التنافي بينهما لا محالة، حتّى عند القائلين باستحالة الترتّب.

وقد تحصّل بكلّ ما ذكرناه: أنّ ترجيح الحكم المشروط بالقدرة العقليّة على