المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

145

العقليّة على المشروط بالقدرة الشرعيّة. ويقصد(رحمه الله) بالقدرة الشرعيّة القدرة الدخيلة في الملاك، فيرجع الكلام إلى أنّه لو كان عندنا واجبان متزاحمان، وكانت القدرة في أحدهما دخيلة في الخطاب والملاك، ولكن في الآخر لم تكن دخيلة إلاّ في الخطاب دون الملاك، فالثاني مقدّم على الأوّل.

وتحقيق الكلام في ذلك يرتبط بما يقصد من معنى لكلمة القدرة الدخيلة في الملاك:

فإن قُصد بالقدرة: القدرة التكوينيّة في مقابل العجز التكوينيّ ـ وهي القدرة بالمعنى الذي تكلّمنا عنها في التقريب الأوّل والثاني من تقريبات عدم التعارض بين دليلي الحكمين المتزاحمين ـ رجع حاصل هذا الترجيح إلى القول بأنّ ما لا تكون القدرة التكوينيّة دخيلة في ملاكه يقدّم على ما تكون القدرة التكوينيّة دخيلة في ملاكه.

وهذا الكلام غير صحيح؛ وذلك لما عرفت في ردّ التقريبين الأوّلين من أنّ القدرة التكوينيّة ثابتة بلحاظ كلا الحكمين، فالحكم الذي كان ملاكه مشروطاً بالقدرة قد تحقّق شرطه، فلا يبقى فرق بين الحكمين حتّى يكون أحدهما وارداً على الآخر دون العكس؛ فإنّ المولى على أيّ حال سوف يخسر أحد الملاكين، سواء اشتغل المكلّف بهذا أو بذاك.

وإن قُصد بالقدرة: ما يشمل عدم الانشغال بالواجب المزاحم، قُدّم الحكم الذي لا تكون القدرة بهذا المعنى دخيلة في ملاكه على الحكم الذي تكون القدرة بهذا المعنى دخيلة في ملاكه، وهذا كلام صحيح.

وتوضيح ذلك: أنّه بالدقّة يجب أن نُدخل تعديلا على ما ذكرناه من شرط الحكم، وهو عدم الانشغال بما لا يقلّ أهمّيّة عنه، وذلك بأن يقال: إنّ شرط الحكم هو عدم الانشغال بما لا يقلّ أهمّيّة عنه، ممّا لا يكون بنحو يرتفع ملاكه بمزاحمه