المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

143

وقد تحصّل بكلّ ما ذكرناه: أنّ باب التزاحم يمتاز عن باب التعارض. وعليه فيجب الانتقال إلى المرحلة الثانية فنقول:

 


وأمّا في مثل الأمر بالإزالة فشموله لحالات الانشغال بالصلاة وعدمه وغير ذلك يكون بالإطلاق، ولا يجوز التمسّك به في الشبهة المصداقيّة؛ لأنّ عنوان فرض الانشغال بالأهمّ أو المساوي قد خرج يقيناً، والحكم لم يكن مسلّطاً على المصاديق ابتداءً كي نتمسّك بإطلاقه للمصداق المشكوك.

والجواب: أنّنا نتمسّك عندئذ بإطلاقه لعنوان فرض الانشغال بالصلاة، أي نقول: إنّ مقتضى الإطلاق هو أن يكون المقصود الأمر بالإزالة، سواء انشغلت بالصلاة أو لا، وبه يثبت عدم كون الانشغال بالصلاة انشغالا بالأهمّ أو المساوي؛ وذلك لأنّ إخراج كلّ عنوان بالتقييد عن المطلق، يُخرج لا محالة كلّ عنوان أضيق من ذلك العنوان، حينما يكون بعنوانه داخلا في ذلك العنوان، كعنوان العالم وعنوان الفقيه.

فإذا خرج من المطلق عنوان، وشككنا في عنوان آخر هل هو من سنخ العنوان الأوّل ـ وإن كان أضيق ـ أو لا، كما شككنا هنا أنّ عنوان الانشغال بالصلاة هل يصدق عليه عنوان الانشغال بالأهمّ أو المساوي، أمكن إثبات دخوله في المطلق بمجرّد إطلاقه العنوانيّ برغم عدم عمومه الأفراديّ، وبالتالي ننفي عنه صدق ذاك العنوان الأوسع عليه.

فالمهمّ في حلّ الإشكال في المقام هو العلم الإجماليّ بكون أحد الواجبين لا يقلّ أهمّيّة عن الآخر؛ إذ لا يعقل أن يكون كلّ واحد منهما يقلّ أهمّيّة عن الآخر، وهذا يوجب عدم انعقاد الإطلاقين، بسبب أنّ وجود هذا العلم الإجماليّ أيضاً بديهيّ لكلّ أحد، فوضوحه زائداً وضوح أصل القيد يُفني الظهور في الشمول والإطلاق.

هذا مضافاً إلى ما يمكن أن يقال: من أنّ دليل كلّ واجب إنّما يكون عرفاً بصدد بيان وجوبه في ذاته، لا بصدد بيان نسبته من حيث الأهمّيّة وعدمها بالقياس إلى ما قد يزاحمه من واجب آخر.