المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

142

فلا يجوز فيه بوجه من الوجوه التمسّك بالعامّ في الشبهة المفهوميّة، فما ظنّكبالمصداقيّة؟ والمخصّص فيما نحن فيه متّصل؛ فإنّه لا فرق بين كون المخصّص لفظيّاً متّصلا، وكونه لبّيّاً كالمتّصل، بأن يكون مرتكزاً في ذهن العرف واضحاً، فيمنع عن انعقاد الظهور.

وما ذكرناه من عدم معقوليّة الأمر بالإتيان بشيء منضمّاً إلى ضدّه، ولا صَرفاً عن ضدّه الذي لا يقلّ أهمّيّة عنه، أمرٌ واضح مرتكز في الأذهان لا يُبقي مجالا لإطلاق الأمر لفرض الانشغال بضدٍّ لا يقلّ أهمّيّة عنه(1).

 


(1) لا يخفى: أنّ مجرّد بداهة قيد عدم الانشغال بضدٍّ لا يقلّ أهمّيّة عن الواجب، غير كاف لمنع التمسّك بشمول الأمر بالصلاة لفرض الانشغال بالإزالة؛ لأنّه تكفي في صحّة إرادة هذا الإطلاق عدم كون الإزالة أهمّ أو مساوياً، فمقتضى الإطلاق عدم كون الإزالة كذلك. نعم، لو كان التقييد لفظيّاً بأن قال المولى مثلا: (صلّ إن لم تنشغل بما لا يقلّ أهمّيّة عن الصلاة)، كان ظاهر ذلك أنّ المولى قد أحال على نفس العبد الكشف عن تحقّق هذا القيد وعدمه، وبهذه النكتة تبطل التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة. وهذا الظهور غير موجود في المخصّص اللبّيّ وإن كان بديهيّاً.

وقد يقال: إنّ التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة للمخصّص إن كان صحيحاً، فالتمسّك بالمطلق في الشبهة المصداقيّة ليس صحيحاً قطعاً. والفرق: أنّ العموم يتوجّه إلى الأفراد ابتداءً، وتخصيص عنوان كالأعداء في مثل: (أكرم جيراني) مثلا، لا يخرج الفرد إلاّ عند كونه عدوّاً، فمادمنا شككنا في عدائه شككنا في خروجه بالتخصيص، فنتمسّك بالعموم الأفراديّ، فيصحّ إثبات وجوب إكرام الجار الفلاني ما لم نعلم كونه عدوّاً، فإنّ قوله: (أكرم جيراني) وإن لم يكن عامّاً بمعنى دخول أداة العموم فيه، ولكنّه عامّ بمعنى ثبوت الحكم فيه ابتداءً على الأفراد، بقرينة: أنّ الجيران صيغة الجمع، وصيغة الجمع تلحظ الأفراد.