المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

140

الانشغال بما لا يقلّ أهمّيّة عنه، إذن فلا تعارض بينهما؛ لأنّهما لو كانا متساويين فمآل ذلك إلى تقييد كلّ منهما بفرض ترك الآخر؛ إذ الآخر لا يقلّ أهمّيّة عنه. وهذا هو الترتّب من الطرفين، وقد فرغنا عن إمكانه. ولو كان أحدهما أهمّ فمآل ذلك إلى تقييد المهمّ بفرض ترك الأهمّ، دون العكس؛ لأنّ المهمّ بالقياس إلى الأهمّ ليس مصداقاً لما لا يقلّ أهمّيّة عنه، بخلاف الأهمّ بالقياس إلى المهمّ. وهذا هو الترتّب من طرف واحد، وقد فرغنا عن إمكانه.

إلاّ أنّ هذا البيان قد تورد عليه شبهة، وهي: أنّ كلّ واحد من الحكمين إنّما عرفنا تقيّده بعنوان عدم الانشغال بما لا يقل أهمّيّة عن متعلّقه، ولم نعرف تقيّده بعنوان ترك الآخر. إذن، فنتمسّك بإطلاقه لصورة فعل الآخر، وبذلك نثبت أنّ فعل الآخر أقلّ أهمّيّة من متعلّقه. وهذا الإطلاق موجود في كلا الطرفين، فكلّ منهما يدلّ على أنّ الآخر أقلّ أهمّيّة منه، فهذان الإطلاقان يتعارضان.

وقد يجاب عن هذه الشبهة: بأنّ هذا تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة للمخصّص؛ فإنّ الآخر لو كان في الواقع مصداقاً لِما لا يقلّ أهمّيّة عن هذا، لكان فرض الانشغال به خارجاً عن إطلاق الحكم حتماً، ونحن نحتمل كونه كذلك، ولا يجوز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة.

وقد يورد على هذا الجواب: بمنع عدم جواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة للمخصّص في مثل هذا المورد، وذلك بناءً على جملة من المباني في باب التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة للمخصّص:

الأوّل: مبنى جواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة للمخصّص إذا كان المخصّص لبّيّاً؛ حيث إنّ المخصّص في المقام لبّيّ.

الثاني: مبنى التفصيل في المخصّص اللُبّيّ: بين ما لو عرفنا خروج مصداق بالفعل بذلك المخصّص عن تحت الإطلاق، وحينئذ فقد انثلم الإطلاق، فإذا