المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

137

الاُخرى. فمثلا لو ورد: (إذا نزل المطر وجب القيام)، وورد أيضاً: (إذا نزل المطر حرم القيام)، فهما متعارضان؛ للتنافي بين الجعلين بما هما قضيّتان شرطيّتان. أمّا لو ورد: (إذا نزل المطر وجب القيام)، وورد أيضاً: (إذا لم ينزل المطر حرم القيام)، فهما ليسا متعارضين؛ لعدم تناف بين جعليهما وإن كانا متنافيين في الفعليّة.

وأمّا التزاحم: فيقصد به كون الحكمين الإلزاميّين بنحو يكون التنافي بينهما من ناحية أنّ امتثال أحدهما إنّما يمكن مستقلاًّ عن الآخر، وامتثاله منضمّاً إلى امتثال الآخر غير ممكن، فأساس التنافي إنّما يكون في مرحلة الامتثال.

إذا عرفت ذلك قلنا: إنّ البحث عن كون باب التزاحم متمايزاً عن باب التعارض، أو داخلا في التعارض مرجعه ـ على ضوء ما بيّنّاه ـ إلى أنّه هل التنافي في مرحلة الامتثال في باب التزاحم يستلزم التنافي بين الجعلين، فيقع التعارض بين الدليلين، أو لا يستلزم ذلك، فلا يقع التعارض بينهما؟

ومن الواضح أنّه بناءً على استحالة الترتّب لابدّ من التعارض بينهما؛ إذ حتّى لو فُرض اشتراط أحدهما بترك الآخر يكون الجعلان متنافيين لا يمكن أن يجتمعا، ومشروطيّة أحدهما بترك الآخر لا تشفع لرفع سريان المنافاة إلى الجعلين؛ فإنّ هذا هو معنى استحالة الترتّب، فعدم إمكان الجمع بينهما في الامتثال يستلزم عدم إمكان الجمع في الجعل.

أمّا بناءً على إمكان الترتّب فينفتح مجال البحث عن أنّه هل يوجد ـ مع ذلك ـ تناف بين الجعلين أو لا؟ وبكلمة اُخرى: إنّ عدم إمكان الجمع بينهما في مقام الامتثال، هل يستلزم تنافي الجعلين أو لا؟ وذلك بأن نرى أنّ دليلي: (صلّ) و(أزل) هل يستفاد منهما ـ مع ضمّ الشرائط العامّة للتكليف كالقدرة ـ ما هو أوسع ممّا فرغنا عن إمكانه من حكمين مترتّبين، حتّى يُفرض التعارض بلحاظ تلك الأوسعيّة، أو لا يستفاد منهما ما هو أوسع من ذلك، وبالتالي فلا تعارض بينهما؛