المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

136

 

التزاحم

وأمّا الكلام في التزاحم فيقع في مرحلتين:

الاُولى: في أنّ باب التزاحم هل هو باب مستقلّ عن باب التعارض، أو أنّه داخل في باب التعارض؟ وسوف نثبت أنّه باب مستقلّ عن التعارض.

الثانية: أنّه بعد أن ثبت أنّ باب التزاحم يمتاز عن باب التعارض فما هي أحكامه؟

 

1 ـ امتياز باب التزاحم عن التعارض وعدمه

أمّا المرحلة الاُولى: وهي امتياز باب التزاحم عن التعارض وعدمه، فنمهّد لتوضيح الكلام فيها بشرح مصطلح التعارض والتزاحم فنقول:

أمّا التعارض: فيقصد به التنافي بين الحكمين بمعنى التنافي بينهما في مرحلة الجعل لا الفعليّة؛ إذ التنافي في مرحلة الفعليّة فقط لا يولّد تصادماً بين الدليلين؛ فإنّ الدليل الشرعيّ إنّما يتكفّل مرحلة الجعل بمعنى القضيّة الشرطيّة، دون مرحلة الفعليّة التي هي ـ مثلا ـ بمعنى تنجيز القضيّة، أي: الجزاء بتحقّق شرطها خارجاً، فقوله مثلا: ﴿لِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاع﴾ يدلّ على الجعل، ويصبح هذا الجعل فعليّاً ـ بمعنى من المعاني ـ حيث توجد الاستطاعة.

فمتى ما كانت القضيّتان الشرطيّتان لا يمكن اجتماعهما وصحّتهما معاً على ما هما عليه من الشرطيّة والتعليق، فهذا هو التعارض بين الدليلين. ومتى ما أمكن اجتماعهما وصحّتهما على ما هما عليه من الشرطيّة والتعليق، فلا تعارض بينهما ولو فرض التنافي بينهما في مرحلة الفعليّة، إمّا بمعنى عدم اجتماع فعليّة إحداهما مع فعليّة الاُخرى، أو بمعنى كون امتثال إحداهما الفعليّة رافعاً لموضوع فعليّة