المولفات

المؤلفات > أحكام المقبوض بالعقد الفاسد القسم الثاني

23

والرواية الرابعة: روايات وقوع التهاتر بين الدين والرهن التالف عن تقصير(1)، فلولا كون الرهن قيميّاً لكان المترقّب عدم التهاتر واسترجاع الدين وإرجاع مثل العين المرهونة.

وبطلان الاستدلال بهذه الروايات في غاية الوضوح؛ لأنّ العين المرهونة غير مشخّصة في هذه الروايات، فقد تكون ممّا يكثر مثلها، كما قد تكون ممّا لا مثل لها، فلو فرضت دلالة هذه الروايات لدلّت على قيميّة كلّ شيء.

والواقع أنّ مفاد هذه الروايات هو أنّه كما كانت العين المرهونة رهناً في مقابل الدين ـ أي أنّه إذا لم يؤدّ الدين اقتصّ من العين المرهونة ـ كذلك الدين رهن في مقابل العين المرهونة، أي أنّها لو تلفت بتقصير اقتصّ من الدين، فالتهاتر في المقام يكون على أساس التراهن المفروض شرعاً بينهما، لا على أساس قيميّة العين المرهونة.

وقد أفاد السيّد الإمام الخميني ـ رضوان الله تعالى عليه ـ: أنّ مقتضى روايات التهاتر في باب الرهن في مقابل الدين هو القول بالضمان بالقيمة في جميع الاُمور حتّى فيما يكثر مثله(2).

إلّا أنّه (رحمه الله) لم يُفتِ بذلك، وأفتى في المثليّ الذي يوجد مثله لا المتعذّر ولا نادر الوجود بضمان المثل، مستشهداً بأنّ ذلك من قطعيات الفقه. وهذا نصّ كلامه (رحمه الله): «والظاهر أنّ المثليّ الذي وجد مثله خارج عنها ويكون ضمانه بالمثل كما ادّعي الإجماع عليه، وقال صاحب الجواهر: إنّه من قطعيّات الفقه. وعن غاية المراد:. أطبق الأصحاب على ضمان المثليّ بالمثل إلا ما يظهر من ابن الجنيد، وهو أوّل كلامه أيضاً ). وكيف كان فلا دليل على خروج مطلق المثليّ، بل الخارج ما هو موجود مثله، لا المتعذّر ولا نادر الوجود»(3).


(1) راجع: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة 18: 389 ـ 392، ب. و. من الرهن.
(2) راجع: الخميني، روح الله، كتاب البيع 1: 83 وما بعدها.
(3) المصدر السابق: 592.