المولفات

المؤلفات > أحكام المقبوض بالعقد الفاسد

6

نعم، لو فرضنا أنّ المالك كان عالماً بفساد العقد والقابض كان جاهلاً بفساده وقبضه بتغرير من المالك ثمّ تلف في يده أو أتلفه بأكل أو غيره فهذا يدخل في قاعدة «رجوع المغرور إلى من غرّه» فلو كان المثل أكثر من المسمّى لم يضمن الزيادة، كما أنّه لو كان المسمّى أكثر من المثل لم يضمن أيضاً الزيادة في المسمّى؛ لأنّ ضمان المسمّى كان بالعقد، وقد ظهر فساده، فهذا الجاهل المغرور من قِبل المالك ليس عليه دائماً إلا أقلّ القيمتين من المثل والمسمّى، وهذا بحث خارج عن أصل قاعدة «ما يضمن» والمهمّ أنّ أصل الضمان ثابت في المقام بحكم ارتكازيّة قاعدة اليد بعد أن كان المالك لم يُهدر حرمة ماله.

ثمّ إنّ الشيخ الأعظم (رحمه الله) بعد أن أوضح ثبوت الضمان في قبض المبيع بالبيع الفاسد ذكر أنّ هذا من جزئيّات القاعدة المعروفة: «كلّ عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفساده»(4).

أقول: وبسرد البحث إلى هنا اتّضح خير دليل على هذه القاعدة، وهو إنّ العقد إن كان يضمن بصحيحه إذن فالعاقد لم يهدر تسليمه للمال حرمة ماله، فلو تبيّن بطلان العقد وعدم سلامة ضمان المسمّى بقبض المال يكون القابض ضامناً على طبق القاعدة العقلائيّة التي تحكم ـ في غير موارد هدر المالك حرمة ماله ـ بأنّ اليد موجب لضمانه، بخلاف ما إذا لم يكن الصحيح فيه عوض مالي، كما في الهبة غير المعوّضة؛ فإنّه عندئذٍ يكون المالك هو الذي أهدر حرمة ماله، فلم يبق ما يوجب ضمان اليد عقلائيّاً.

الروايات الدالّة علی قاعدة اليد:

يبقى الكلام في أنّه هل يوجد نصّ يمكن إحلاله محلّ الارتكاز العقلائيّ الحاكم بضمان اليد حتّى تتمّ قاعدة اليد روائيّاً، كما هي تامّة عقلائيّاً أو لا؟


(1) الأنصاري، مرتضی، کتاب المکاسب 3: 182.